الثلاثاء، 3 نوفمبر 2009

ضرورة تطوير الأمم المتحدة استجابة للمستجدات الدولية

شنكاو هشام باحت في العلاقات الدولية

من المؤكد أن النظام العالمي الحالي له سمات أو خصائص تميزه عن النظام العالمي الذي كان سائدا في الحقبة الماضية مما جعل التغير يلقي بظلاله على هيكل التنظيم الدولي المعاصر والنظام القانوني السائد فيه، ولعل أهم ما يميز النظام القانوني الدولي الحالي أنه نظام يتميز بزيادة القطب الواحد وهو الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عالمية وحيدة لا منافس لها، وسيادة القيم والمفاهيم الغربية فإنها تقلص الدور الحقيقي للمنظمات الدولية في حل المنازعات الدولية كذلك الطابع المؤقت للنظام العالمي الجديد.
ولعل تغير ملامح النظام العالمي أدى إلى تغير شكل ودور الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية في المنازعات الدولية وهو أمر بدت سماته بوضوح من خلال مسلك المنظمة الدولية ذاته في ظل هذا النظام حيث كثر تدخل المنظمة في الشؤون الدولية واتسع مدلول التدخل وتعددت أسبابه ومبرراته وكذلك كثرت اللجوء إلى التدخل المسلح وظهرت له أسباب جديدة إلى جانب الأسباب القديمة والتقليدية فظهر إلى جانب جريمة الحرب والعدوان المسلح الإرهاب الدولي كمبرر وسبب حقيقي وراء التدخل المسلح من قبل المنظمة الدولية، كذلك انتهاك حقوق الإنسان وحرياته الأساسية كذلك إهدار الديمقراطية داخل البلاد.
وغير ذلك الكثير مما يستلزم ضرورة تعديل وتغيير أو بمعنى أوضح تطور المنظمة الدولية استجابة للظروف والمستجدات الدولية التي ظهرت حديثا ولم يكن لها وجود من قبل ولكن كيف السبيل إلى تطوير دور منظمة الأمم المتحدة حتى يمكن أن تستجيب للظروف الحالية.
يجدر بنا قبل أن نتناول مسألة تطوير الأمم المتحدة شكلا وجوهرا، سوف نتناول بشيء من التفصيل بعض المظاهر الجديدة لأداء الأمم المتحدة والسابق للإشارة إليها وخاصة في مجال حفظ السلم والأمن الدوليين فضلا عن بيان مدى احترام قواعد الشرعية الدولية في المقررات الصادرة عن المنظمة الدولية وخاصة من أداتها الرئيسية وجهازها التنفيذي وهو مجلس الأمن الدولي وبيان ذلك كما يلي :

أولا : الإفراط في استعمال التدابير المنصوص عليها في الفصل السابع
الحقيقة أن مواجهة الأمم المتحدة للعدوان العراقي على الكويت أذهل المجتمع الدولي لما اتسمت به هذه المواجهة من حسن نية وجدية غير معهودة في تاريخ المنظمة الدولية، ولذلك كان أسلوب المنظمة الدولية في مواجهة العدوان العراقي على دولة الكويت فاصلا مميزا بين مرحلتين هامتين من تاريخ المنظمة الدولية.
المرحلة الأولى : وتمثل مرحلة الفشل والعجز التام للمنظمة الدولية في مواجهة المنازعات الدولية وحالات تهديد السلم والأمن الدولي عموما وذلك بسبب انقسام الدول الكبرى على نفسها وسيادة مفاهيم الحرب الباردة بين القطبين العظيمين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية، وظلت هذه المرحلة ردحا من الزمن حتى بداية التسعينات حتى حدت العدوان العراقي على دولة الكويت.
أما المرحلة الثانية : فتتمثل في مواجهة الأمم المتحدة من خلال مجلس الأمن للعدوان العراقي على الكويت وقد مثل أسلوب المواجهة تحولا جدريا في أسلوب المنظمة في مواجهة الأحداث الدولية، حيث كانت جميع قرارات مجلس الأمن تشير إلى أحكام الميثاق من غير الفصل السابع رغم أن القلة منها كانت تشير على إستحياء إلى الفصل السابع وكان من أهمها قراراته التي صدرت بمناسبة العدوان على كوريا الجنوبية عام 1950، وترجع مقدرة مجلس الأمن على مواجهة الظروف والأحداث إلى استعادة التعاون فيما بين القوى العظمى على صعيد العلاقات الدولية والذي جاء كرد فعل لانتهاء الحرب الباردة بين القطبين العظيمين فلم يعد حق الفيتو حائلا يقف أمام قيام مجلس الأمن وممارسته لوظائفه وسلطاته، فلقد واجهت الأمم المتحدة مشكلة الخليج وأصدر بمناسبتها مجلس الأمن عددا من القرارات غير مسبوق صدوره في أي نزاع آخر وكلها كانت مستندة إلى أحكام الفصل السابع من الميثاق، ولقد عكست كل هذه القرارات من حيث اعتمدها على معايير جديدة في تكييف ما يعتبر تهديد مع أداء مجلس الأمن منذ عام 1990 على عكس ما كان متبعا وسائدا في الفترة السابقة، ومن ثم فاستنادا إلى السلطة التقديرية الواسعة لمجلس الأمن والمستمدة أصلا من المادة 49 من الميثاق قام مجلس الأمن بتحديد الأعمال التي تشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين ولم تعد تلك العوامل قاصرة على المنازعات بين الدول وأعمال القتال واسعة النطاق داخل حدود الدول بل أصبح تهديد السلم يشمل قمع الأقليات وكذلك الأعمال الإرهابية وكافة المآسي الإنسانية. وكافة المآسي الإنسانية الناتجة عن الاقتتال الداخلي وكذلك إهدار الديمقراطية في الداخل.[1]
ولقد بدا هذا المفهوم لمجلس الأمن من خلال القرارات التي اتخذها لمواجهة الأزمات التي عاصرت هذا المفهوم وتجدر الإشارة هنا إلى بعض النماذج منها :
فيما يتعلق بالحالة بين العراق والكويت أصدر المجلس قراره 688 في 5 أبريل وجاء فيه إن المجلس منزعج مما يتعرض له المدنيون العراقيون من قمع في أماكن متعددة في العراق وفي المنطقة التي يسكنها الأكراد أيضا مما أدى إلى نزوح مكتف للاجئين نحو الحدود أو حتى عبورهم الحدود مما نتج عنه بعض الصدمات الحدودية مما يهدد السلام والأمن الدوليين، أو من حيث أسلوب صياغة القرارات بحيث أصبحت أكثر دقة ووضوحا وتحديدا ولعل هذا التطور يصمد في مضمونه بعدين إيجابي يتمثل في قدرة مجلس الأمن على اتخاذ قرارات سريعة وحاسمة تتناسب مع سرعة وخطورة المواقف المهددة للسلم والأمن الدوليين، أما البعد السلبي فيتمثل في المصادر الناتجة عن إطلاق يد مجلس الأمن في العمل استنادا إلى الفصل السابع بما قد يحمله ذلك من استغلال للسلطات الخطيرة التي يتمتع بها المجلس طبقا لهذا الفصل في قضايا لا يتطلب حلها اللجوء إلى إجراءات القسر بما قد يؤدي في النهاية إلى تحول نظام الأمن الجماعي إلى نظام غير مضمون ومنعدم القيمة.[2]

ثانيا : اتساع مفهوم تهديد السلم والأمن الدوليين
من المقرر أن ميثاق الأمم المتحدة لم يضع تعريف محددا وواضحا للأعمال التي من شأنها تهديد السلم والأمن الدولي فإن كان هذا الأمر لم يخل من الاجتهادات الفقهية وذلك لتحديد مفهوم تهديد السلم وفقا لأحكام المادة 39 من الميثاق حيث استقر الرأي على أن كل عمل صادر عن الدولة ينطوي على التهديد بالحرب أو التدخل أو استخدام إحدى صور العنف ضد دولة أخرى، ففي هذه الحالة يقوم تهديد السلم ولو لم يتبع ذلك الاستخدام الفعلي للعنف المسلح ومرجع ذلك إلى وجود تلك الحالات قد يؤدي إلى قيام خطر حال من شأن وقوعه الإخلال بالسلم ويتحقق تهديد السلم في حالة وقوع صدام مسلح داخل إقليم الدولة متى اتسم هذا الصدام بالقوة والعنف إلى الحد الذي يعرض مصالح الدول الأخرى للخطر أو عند الاعتراف لأحد الطرفين المتنازعين بوصف المحارب من قبل مجموعة كبيرة من الدول. وقد بدا واضحا أن مجلس الأمن أصبح يتبنى مفهوما واسعا جدا لكل عمل يشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين وهذا المفهوم أكثر اتساقا.
أما في الصومال فقد قرر مجلس الأمن في القرار رقم 794 في 3 فبراير 1993 أن حجم المأساة الإنسانية الناتجة عن النزاعات في الصومال يشكل تهديد للسلام وللأمن الدوليين.
وفي الحالة الليبية الغربية أوضح مجلس الأمن الدولي في قراره رقم 748 الصادر في 31 مارس 1992 أنه إيمانا من المجلس أن قمع أي عمل دولي يعد أمرا ضروريا للحفاظ على السلم والأمن الدوليين.
وكذلك عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر توسع مجلس الأمن في هذا المفهوم واعتبر ما تعرضت له أمريكا في الحادي عشر من سبتمبر عملا إرهابيا وقرر بأن جميع الأعضاء متفقون على أن الإرهاب جريمة دولية يجب القضاء عليها أيضا اعتبر المجلس أن حيازة بعض الدول لأسلحة الدمار الشامل مما يخشى من أنظمتها وسياستها مع الدول المجاورة عملا من الأعمال التي تشكل تهديدا للسلام والأمن الدوليين بدليل إصداره 1441 بإلزام العراق يفتح حدودها ومنشأتها النووية والحرية أمام فريق التفتيش الدولي عن أسلحة الدمار الشامل، وهو الأمر الذي ترتب عليه العدوان على العراق وأفغانستان واحتلال أراضي العراق بكاملها.
والنتيجة المنطقية على توسيع مجلس الأمن في مفهوم تهديد السلم والأمن هي زيادة قدرة مجلس الأمن على التدخل وهي نتيجة ليس من ورائها إلا هدفا واحدا هو إطلاق يد مجلس الأمن في التدخل بمعاونة وتوجيه من الدول الكبرى في أي وقت شاء وبأي كيفية شاء، ولذلك أثارت تدخلات المجلس في شمال العراق وليبيا والصومال والبوسنة والهرسك وهاييتي، ومن بعد في فتح الباب أمام الولايات المتحدة وحلفائها للتدخل في الشؤون العراقية وإسقاط نظام الحكم فيه واحتلال كامل أراضيه العديد من التساؤلات حول مدى حرية المنظمة الدولية وعلى الأخص مجلس الأمن في التدخل في شؤون الدول تحت شعار حفظ السلم والأمن الدوليين.[3]
والسؤال المطروح دائما هل يمكن الإبقاء على الأمم المتحدة مع إدخال مزيد من التطورات والتعديلات عليها وجعلها أكثر استجابة للظروف الحالية ؟ وهل التطوير سوف يفتح لها الهيمنة على سيادة الدول بصفة عامة ؟ وهل يمكن أن تكون المنظمة عبارة عن حكومة عالمية أم يمكن الإبقاء عليها كمنظمة دولية فاعلة على الساحة الدولية قامت على العديد من المبادئ الأكثر عدالة وديمقراطية وحماية للتربية الدولية مع إدخال التعديلات على أحكام وبنود ميثاقها ؟
- الأمم المتحدة حكومة عالمية :
الحقيقة أنه قد أثيرت فكرة الحكومة العالمية عند التحضير للمنظمة الدولية وإعداد ميثاقها على أساس أن تكون هذه المنظمة كما لو كانت حكومة عليا ولها جيش منظمة يعاونها على تحقيق أهدافها وتكون لهذه الحكومة ميزانية عالمية تساهم في رأسمالها الدول الأعضاء بنصيب، وكذلك تشارك الدول في جيشها بوحدات عسكرية خاصة بها تكون على درجة عالية من التدريب.
ورغم ما لهذه الفكرة من مميزات تتمثل في وحدة المعيار والضابط الذي على أساسه تتم مواجهة الموقف أو النزاع وأنها الأقرب إلى تطبيق العدالة الدولية بين جميع دول العالم، كما أنها تحقق المساواة بين جميع الدول كبيرها وصغيرها بالإضافة إلى ما تقدم فإن الحكومة العالمية تكون على درجة عالية من القدرة والكفاءة اللازمين عن طريق جيشها الموحد لوقف العنف وحفظ السلام والأمن ومنع العدوان وأعمال الحروب في مختلف بقاع العالم إلا أن هذه الفكرة لها عيوب ومساوئ عدة تجملها فيما يلي :
‌أ- خيانة الفكرة وعدم إمكانية تطبيقها على أرض الواقع فوجود حكومة عالمية لها سيادة وإزادة تعلو إرادة وسيادة الدولة مسألة مستحيلة نظرا لعدم التوافق الدولي حول هذه الفكرة وعدم تلاقي إرادات الدول على سياسة وأسلوب واحد.
‌ب- صعوبة تشكيل جيش دولي موحد يضم كافة الوحدات المسلحة للدول لما يحتاجه هذا الجيش من إمكانية وقيادة موحدة قلما تتوافر في ظل الاختلاف في الرؤى والمذاهب والأيديولوجيات السياسية.
‌ج- تعارض فكرة الحكومة العالمية من أهم المبادئ المستقر عليها في العلاقات الدولية ومن أهمها مبدأ المساواة في السيادة وعدم جواز التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
‌د- سيطرة القوى العظمى على هذه الحكومة لكونها الأكثر إمدادا لها والأكبر عبئا في المنظمة، مما يجعل هذه الحكومة أداة طبيعية لتحقيق مصالحها الخاصة وأغراضها الذاتية.
وإذا كانت فكرة الحكومة العالمية فكرة غير قابلة للتطبيق العملي فما هو البديل للإبقاء على هذه المنظمة كمنظمة فاعلة على الصعيد الدولي وذلك لن يتم الأمن خلال.
‌أ- التوسيع في استخدام وسائل الدبلوماسية الوقائية لحل المنازعات الدولية :
هذه الوسيلة قد تبدو في ظل العصر الحاضر ضرورة ملحة ووسيلة مطلوبة على الصعيد الدولي وتعتمد هذه الوسيلة على الوساطة بين الدول وعلى المساعي الجديدة التي تبدل لحل المنازعات الدولية، وهذا ما أكده مجلس الأمن بعد مناقشات مكثفة في دورته التي عقدت في 18 و19 يناير 1995 حيث صدر عن رئيس المجلس بيانا أيد فيه الموقف الدولي أعرب فيه المجلس عن ترحيبه بالأولوية التي أولاها لإجراءات حل المنازعات الدولية وشجع من خلاله جميع الدول الأعضاء على أن تفيد إلى أقصى حد ممكن من أدوات الإجراءات الوقائية بما في ذلك المساعي الحميدة للأمين العام وإيفاد مبعوثين خاصين وذرع بعثات ميدانية صغيرة للدبلوماسية الوقائية وصنع السلام بموافقة البلد المضيف أو البلدان المضيفة.
أما على مستوى الجمعية العامة فقد واصل فريق العمل غير الرسمي المفتوح العضوية المعنى بحفظ السلام أعماله خلال عام 1995 بشأن العديد من القضايا الواردة في خطة السلام وفي الملحق وشجع هذا البيان الاهتمام بالإنذار المبكر لمنع المنازعات والدبلوماسية الوقائية من خلال الوزع الوقائي في كثير من الحالات.[4]
‌ب- ضرورة التوسع في احترام حقوق الإنسان وحرياته الإنسانية :
وتعد حقوق الإنسان من الموضوعات الساخنة والحساسة على مستوى العالم والتي يعد الاهتمام بها ضرورة حالة لضمان الاستقرار والأمن لدى مختلف شعوب العالم.
في أغسطس من عام 1992 عقدت اللجنة الدولية لحقوق الإنسان دورة استثنائية ولأول مرة في التاريخ للنظر في مسالة حقوق الإنسان في يوغسلافيا السابقة وطلبت بأن يعين لها مقررا لتقديم التقارير المختلفة عن حالة حقوق الإنسان في يوغوسلافيا السابقة وقد قام المقرر فعلا عام 1995 بتقديم تقارير منتظمة عن مسألة حقوق الإنسان بصفة منتظمة إلى لجنة حقوق الإنسان وإلى الجمعية العامة، وبالفعل طلبت اللجنة إلى الأمين العام أن يتيح هذه التقارير لمجلس الأمن والمؤتمر الدولي المعنى بيوغوسلافيا، وفعلا اتخذت لجنة حقوق الإنسان القرار رقم 1994/75 بشأن حالات الاعتداء على المدنيين وحالات الاغتصاب والاختفاء وعن الإجراءات التي اتخذتها لجنة الخبراء المنشأة عملا بقرار مجلس الأمن رقم 780 لسنة 1992 والمحكمة الدولية والمؤتمر الدولي المعنى بيوغوسلافيا وقوة الأمم المتحدة للجماعة ومفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان.
وترتيبا على ما سبق فقد اتخذت عدة إجراءات لحماية حقوق الإنسان في يوغسلافيا، وعنها تشكيل المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة كبار مجرمي الحرب في البوسنة والهرسك وتوجيه الاتهام إلى العديد من الشخصيات التي تبث من خلال التحقيقات وتورطها في عدة جرائم ضد حقوق الإنسان ومنها جرائم القتل الجماعي والإبادة الجماعية وكذلك جرائم الاعتداء على السكان المدنيين أثناء النزاعات المسلحة، وكذلك جرائم الحريق وهدم المنازل والتخريب وغيرها من الجرائم التي اقترفت ضد حقوق الإنسان وإن كان الاهتمام بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية يعد أحد التطلبات الملحة لتفعيل دور المنظمة الدولية وتطوير أدائها العملي إلا أن هذا المطلب يحتاج إلى مزيد من بدل الجهد حتى يساهم هذا في دفع عجلة المنظمة الدولية للإمام وتطويرها بما يتناسب والظروف الدولية الحالية.
‌ج- تفعيل التعاون بين الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية :
تحقيق التعاون والتفاعل فيما بين الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية أمر ضروري تتطلبه الحالة العالمية الدائمة التغير من خلال تفعيل تطبيق الفصل الثامن من الميثاق ويأخذ التعاون والتفاعل فيما بين الأمم المتخذة والمنظمات الإقليمية خمسة صور أو خمسة أشكال أهمها التشاور المستمر الذي تقوم به هذه المنظمات مع الأمم المتحدة كذلك الدعم الدبلوماسي لتشجيع هذه المنظمات على المشاركة في الجهود الدبلوماسية المبذولة لحفظ السلام وردع العدوان وإعمال حق الدفاع الشرعي ورابعا الورع المشترك لهذه المنظمات من خلال إرسال البعثات والوفود إلى بؤر التوتر في العالم كبعثة الأمم المتحدة ومنظمة الدول الأمريكية الحالية لحقوق الإنسان في هايتي، وهو ما يسمى بالعمليات المشتركة التي تتم بالمشاركة بين الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية.
‌د- في مجال حفظ السلم والأمن الدولي :
لابد من تفعيل دور مجلس الأمن في هذا المجال من خلال الحد من استخدام حق الفيتو أو على الأقل ترشيد استخدام هذا الحق في مواجهة الأزمات ذات طبيعة معينة من شأنها أن تؤثر في مسألة حفظ السلم والأمن الدوليين فضلا عن التوسع في العضوية الدائمة في مجلس الأمن وعدم قصرها على مجموعة الدول الخمس الكبرى فقط لأن هناك العديد من الدول الكبرى التي تشكل قوى فاعلة على المستوى الدولي وتلعب دورا ملحوظا في مجال حفظ السلم والأمن الدوليين.[5]
‌ه- تحديث نظام الأمم المتحدة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية :
لما كان من الثابت أن قضايا الأمن والسلام تعتبر وثيقة الصلة والارتباط بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية للأمم والشعوب ويترتب على هذه نتيجة مؤداها أن قضايا الأمن والسلام لا يمكن أن تكون بمعزل عن باقي القضايا الأخرى ومنها القضايا الاقتصادية والاجتماعية، ذلك أن المسار واحد لكل القضايا على المستوى الدولي وهو ما دعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى الالتجاء إلى ضرورة تطوير الأمم المتحدة من خلال الارتقاء بمستوى أدائها في المجالين الاقتصادي والاجتماعي.[6]
ومن الجدير بالذكر أن خطة الأمين العام سالفة الذكر لم تكن هي الوحيدة من نوعها بل طرحت هناك العديد من الأفكار والمقترحات لتطوير أداء الأمم المتحدة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي نعرض لأهمها :
‌أ- ضرورة التفكير في إيجاد نظام دولي متكامل في إطار الأمم المتحدة لإدارة المساعدات الدولية ذات الصلة يدعم مشروعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول عموما وخاصة الدول النامية وهذا مقترح يقضي نهائيا على الازدواج المؤسس داخل الهيئة الدولية نفسها، ويتسم تطبيقه باليسر بمكان من خلال إجراء حوار دولي تسهم فيه كافة المؤسسات والأجهزة ذات الصلة بهذا الموضوع وذلك بهدف تقديم الدعم المناسب للمجتمع الدولي لمواجهات العقبات التي تعترضه في هذا المجال كذلك ضرورة دفع المنظمات المتخصصة ذات الصلة بالأمم المتحدة للاضطلاع بصدور أكبر من الدور الحالي والتوصل إلى صيغة بقبوله لتخصصه وتقسيم العمل بين أجهزة الأمم المتحدة المختلفة العاملة في مجال التنمية الدولية.
‌ب- دعم الدور الإشرافي للمنظمة الدولية ووكالاتها المتخصص للإشراف والرقابة على كافة المشكلات المتعلقة بالتطور الدولي الاقتصادي والاجتماعي، ولتحقيق ذلك يجب إنشاء جهاز دولي عالي المستوى والكفاءة تناط به مهمة توجيه كافة الجهود الدولية المبذولة في إطار الأمم المتحدة لدعم التنمية الاقتصادية في مختلف دول العالم.
‌ج- ضرورة الاهتمام بالعنصر البشري داخل الجهاز الإداري للمنظمات الدولية من خلال الدقة في اختيار موظفي الأمانة العامة وتفعيل دور الأمين العام المساعد للارتقاء بمستوى الأداء الإداري داخل الجهاز الإداري للمنظمة وهو أمر يعتمد على وضع معايير وأسس واضحة للاختيار مع عدم إهمال أصحاب الخبرة والتخصص.
‌د- تعزيز أداء المنظمة الدولية فيما يتعلق بمواجهة حالات الطوارئ وكذلك الحالات الإنسانية غير العادلة فهناك من الأجهزة داخل المنظمة الدولية، ما هو قادر على تقديم الكثير من المساعدات في الظروف الطارئة والإنسانية كمفوضية الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين خاصة عندما تتوافر لها الظروف الموضوعية الملائمة وللمنظمة الدولية أن تفيد في هذا الخصوص من جهود المنظمات غير الحكومية من خلال المستمر معها فضلا عن تشجيع الإسهامات التطوعية لتغطية بعض أوجه القصور في الجوانب التمويلية للمنظمة.[7]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق