الأربعاء، 26 مايو 2010

شنكاو هشام

طلب العمل في مجال التدريس في احدي الجامعات العربية والخليجية خصوصا في التخصصات التالية القانون الدولي العلاقات الدولية العلوم السياسية

طلب العمل في الصحافة والإعلام السياسي في احدي المؤسسات العربية



الاسم والنسب شنكاو هشام

الجنسية مغربي من مدينة طنجة


باحت في العلاقات الدولية و القانون الدولي



بكلوريا تخصص آداب



حاصل علي الايجازة في الحقوق شعبة القانون العام تخصص العلاقات الدولية

الماستر القانون العام المعمق تخصص العلوم السياسية العلاقات الدولية

عنوان رسالة التخرج حق استخدام القوة ودوره في التاتيرعلي الفعل السياسي الدولي القوة العسكرية نموذجا

التخصص الدقيق

العلاقات الدولية

القانون الدولي


التخصصات الاخري

التاريخ الإسلامي

الحضارة الإسلامية

الاهتمام العلمي

العلاقات السياسية الدولية

صراع الحضارات

لقانون الدولي العام

الارهاب الدولي

االصراعات العرقية



شكلات السياسية الدولية

الصراع الدولي

القوة في العلاقات الدولية


الهاتف 0645767410

email chengaouhicham@yahoo.fr

الجمعة، 14 مايو 2010

تطور المجتمع الدولي

1- نشاة وتطور المجتمع الدولي
المجتمع الدولي في العصر القديم : يجمع أغلب المؤرخون على أن هذا العصر مصدر زمنيا حوالي سنة 3100 ق م إلى غاية سقوط روما عاصمة الإمبراطورية لرومانية سنة 476 م لقد شكل اكتشاف الزراعة غير هذه الفترة عامل أساسي الاستقرار الإنسان في حيز ومكان محدد لكونها تقتضي الإقامة الطويلة والمستمر للقيام بالزرع والرعي والجني مما أدى إلى بروز فكرة التملك الجماعي والفردي للأراضي الخصبة حول الأنهار والبحيرات ومن ثم أدت غزيرة التملك إلى فكرة وضع الحدود الملكية وبالتالي مع مرور السنين ساهم ذلك في ظهور جماعات إنسانية متميزة من حيث العقائد والتقاليد …. واستقرت كل منها في نطاق مساحة محدودة وخضعت السلطة عليا واحدة مثل هذه الجماعات تطورت معظمها لتشكل الدول والإمبراطوريات والحضارات التي عرفها العصر القديم لقد تميزت هذه المرحلة بنوعين من التنظيمات السياسية من جهة الإمبراطوريات التي أسستها القوى العظمى آنذاك واتسعت رقعتها إلى أرجاء واسعة مترامية الأطراف ومن جهة أخرى وجود الدول ( المدن ) كما كان الحال في اليونان قديما التي تأسست على مساحات محدودة وامتازت بالانسجام في تعاملها والتنظيم في علاقاتها أي العلاقات بين مختلف الديانات السالفة الذكر والحضارات امتازت بطابع الانعزالية والاكتفاء الذاتي وهما الأمر أثار الخلاف بين الفقه حول مدى وجود مصادر أولية للتنظيم الدولي خلال هذه الحقبة التاريخية فهناك اتجاه أول يرى أنه بالرغم من الحضارات القديمة عرفت أو طبقت بعض قواعد القانون الدولي مثل إيفاء بعثات رسمية إلا عن الحرب قبل بدئها أو عقد .
أولا : الشرق القديم : ونقصد به الحضارات التي نشأت حول واد الرافدين ونهر النيل .
حضارة بلاد الرافدين :
تذكر الأبحاث التاريخية أن حضارة واد الرافدين امتازت بوجود معاهدة عام 3100 ق م بين زعيمي قبيلتين من منطقة ما بين النهرين نصت على وضع حد للنزاع القائم بينهما حول الحدود كما نصت على اللجوء للتحكيم في حالة النزاع فيما بينها .
الحضارة الفينيقية :
دولة دستورية حكمها جمهوري لها مجلس منتخب فيه 28 عضو .
لقد ملك الفينيقيون قوة تجارية كبرى وامتد نفوذهم الاقتصادي من بلاد الشام شرقا حتى بلاد الأسبان غربا وقويت شوكتهم خاصة بعدما قامت دولتهم في تونس وبناء مدينة قرطاجة سنة 825 والدولة القرطاجية دستورية ونظام حكمها جمهوري ولها مجالس متخصصة مثل مجلس الشيوخ مجلس التجار ومجلس القضاء الذي يحتوي على 104قاض .
وفي الجزائر قامت إمارات ودويلات أشهرها اٌلإمارة النميدية التي حكمها يوغرطة سنة 118 ق م .
الحضارة الفرعونية :
كتبت معاهدة سنة 1292 ق م كشفت عنها الأبحاث التاريخية ببابل بين رمسيس ملك مصر وحاتوبيل ملك الحبشيين حيث تعهد الطرفان من خلالها .
بتبادل المساعدة ضد الأعداء الداخليين والقيام بتسليم هؤلاء إلى بلد الطرف الآخر على شرط عدم توقيع عقاب عليهم قبل ذلك ، وتعتبر هذه المعاهدة أقدم شكل معروف لتسليم المجرمين السياسيين وكان احترام وتقنين هذه المعاهدات يتم بضمان الآلهة فقد جرت العادة أن يقسم كل طرف من أطراف المعاهدة بعدد من الآلهة بعدم الخروج عنها .
الديانة اليهودية :
اتصفوا بالانعزالية والتعالي على الشعوب الأخرى وتمجيد العنف وأسلوب الحرب لدرجة أنهم أطلقوا على إلههم "رب الانتقام " ففي العهد القديم تضمن الإصحاح الخامس عشر من سفر سموائيل أمرا صريحا من رب اليهود مفاده "...ولا تعفوا عنهم رجلا طفلا ورضيعا جملا وحمارا ..."
الغرب القديم :
الحضارة الإغريقية:
كانت اليونان مقسم لعدد من الوحدات السياسية المستقلة يبلغ عددها 12مدينة خلال القرن الخامس ميلادي وكان يطلق على كل منها مصطلح مدينة ما يقابله حاليا دولة .
وتميزت العلاقة بين المدن اليونانية بأنها كانت وثيقة تتميز بالاستقرار والتفاهم نظرا لانتمائها لحضارة واحدة تستند لعدة اعتبارات عقدية وعرقية ولغوية ودينية مشتركة وقد علاف الإغريق وسيلتين أساسيتين للعلاقات القانونية فاستعملوا :
المعاهدة :
كوسيلة قانونية لتنظيم العلاقات فيما بينهم في كثير المجالات ومن تلك المعاهدات معاهدة تعزيز السلم سنة 446 ق م بين أثينا وإسبرطة ومعاهدة تحالف عسكري سنة 418 ق م بين إسبرطة وآغورس .كما استعمل الإغريق وسيلة الدبلوماسية لفك النزاع بينهم .
الحضارة الرومانية : تأثر الرومان بالتنظيمات التي سادت المدن اليونانية حيث قامت خلال القرن الخامس قبل الميلاد رابطة تجمع بين رومان بعض المدن اللاتينية على أساس المساواة بين الأعضاء كما أبرمت روما في حدود سنة 306 ق م معاهدة مع قرطاجة وتتضمن النص على إقامة السلم والتنازل المتبادل في مناطق نفوذها وحماية مواطنيهم إن لجأو إلى بلد الطرف الآخر
غير أن موقف روما في علاقاتها تعتبر عندما أحست بتفوقها العسكري خاصة بعد القضاء على قرطاجة واتبع الرومان في علاقاتهم نوعين من القانون :
1- قانون الشعوب :وهو قانون بديل للقانون المدني كان ثمرة اجتهاد القانون الروماني أنشأته روما عام 242ق م هو قانون للفصل في المنازعات بين الرومان والرعايا الأجانب ويسمى أيضا بقانون الغرباء.
2- قانون الفيتال : حرصت روما أن تطبع علاقاتها مع غيرها بطابع ديني لتجلب بركة الآلهة فأنشأت هذا القانون يشرف على تطبيقه مجموعة من رجال الدين عرفوا باسم الإخوة فيتال وكانوا يعتبرون بمثابة سفراء يتمتعون بالحصانة وعددهم 20 وجوهر هذا القانون أن هؤلاء الذين يقررون إن كان هناك سبب عادل لإعلان الحرب ضد بلد آخر كما يمارس السلطة الدينية عند إعلان الحرب أو عند عقد السلم ومن أشهر الذين عالجوا موضوع الحرب في ذلك الوقت القديس أوقستين الذي ميز بين الحرب العادلة والحرب غير العادلة في كتابه مدينة الله.
2 المجتمع الدولي في العصر الوسيط :
لقد استمرت الصراعات القائمة بين إمبراطوريات الشرق والغرب في هذه المرحلة لأكثر وذلك أن ظهور الديانة المسيحية ساعدت على اشتداد هذه الصراعات لأن من آثار انتشار تعاليم المسيحية قيام الرابطة الدينية بين الدول الأوربية في شكل عصبة دينية مما أدى لنشوء ما يسمى بالأسرة الدينية بالمسيحية التي يساوي كل أعضائها في الحقوق والواجبات .
ويتفق أغلب المؤرخين على أن عصر الوسيط يبدأ بسقوط روما سنة 476ق م لينتهي بسقوط القسطنطينية سنة 1453 على يد محمد الفاتح .
1- العالم المسيحي : يمكن القول أن هذا العصر شهد عدة عوامل حالت دون قيام تنظيمات دولية حقيقية لأوربا بالإضافة لسيطرة الكنيسة وتسلطها وجمعها بين السلطتين الدينية والدنيوية والحد من استقلالية الدول وكذلك إخراج كل الدول غير المسيحية من المجتمع الدولي بالإضافة لكل هذا هناك عوامل أخرى تمثلت في الفرص السياسية .
ونظام الإقطاع والصراع القائم بين نظام الإقطاع الصراع بين البابا والإمبراطور أيضا الديانة المسيحية والحروب الصليبية .
1-الفوضى السياسية : في عهد الإمبراطور تيودوس جرى تقسيم الإمبراطورية سنة 395 م بين ولديه إمبراطورية غربية عاصمته روما ، وإمبراطورية شرقية عاصمتها القسطنطينية ، وكان هذا التقسيم سببا في انهيارها على يد القبائل الجرمانية سنة 700م وعلى أنقاضها قامت مجموعة من المماليك والإمارات المتصارعة يحكمها العداء والحرب وبقي الأمر على حاله من سنة 800م حيث تمكن الإمبراطور شارلمان من توحيد هذه الوحدات السياسية في إطار ما يسمى بالإمبراطورية الرومانية المقدسة ولكن بمجرد وفاته عام 843 حتى عادت الفوضى والفساد من جديد .
ب نظام الإقطاع : انتشر هذا النظام في أوربا ابتداء من القرن التاسع ميلادي ليستمر لنهاية العصر الوسيط تقريبا هذا النظام يتمثل من الناحية السياسية في استئثار الأمير بجميع مظاهر السلطة داخل إقليم معين على أساس أنه يعتبر بمثابة ملك شخصي له التصرف فيه كما يشاء وهو ما يعرف قانونا بمبدأ الدولة الموروثة وهذا الوضع لم يساعد على نشوء تنظيم دولي لأن كل مملكة أصبحت مقدمة بين عدد كبير من الإمارات الإقطاعية وبالتالي فالعلاقات بين تلك الممالك مجرد علاقات داخلية تخضع لسلطة عليا هي البابا والإمبراطور .
حدوث الصراع بين البابا والإمبراطور : اتسم العصر الوسيط بالصراع الحاد بين البابا والإمبراطور حول من يستأثر بالسلطة الزمنية وحاول كل طرف تأكيد أحقيته بذلك فالبابا استند إلى نظرية السيفين ومفادها أن الله خلق سيفين سيف يمثل الروح والآخر يمثل الجسد تمنح سيف الروح للبابا وسيف الجسد للإمبراطور ومادامت الروح تسمو على الجسد ، فالبابا يسموا على الإمبراطور أما الإمبراطور فاستند إلى نظرية الحق الإلهي ومفادها أن الله فوض حكم الناس وأعطاه للسلطة العامة . وبلغ الصراع لحد إقدام الإمبراطور هنري الرابع على خلع البابا جري وجوري السابع في حدود منتصف القرن 11 وهذا الصراع أدى إلى تفاقم الفوضى السياسية .
الديانة المسيحية والحروب الصليبية : لقد استمرت الحروب الصليبية على طوال قرنين من الزمان من 1098 إلى غاية 1221 م .وبإقرار الإمبراطور تيودورس كديانة رسمية لروما سنة 380 م فقد كان لهذه الوحدة الدينية المسيحية آثار سلبية في مجال علاقاتها مع البلاد غير المسيحية حيث رفضت الممالك الأوربية الاعتراف بالبلاد الإسلامية والدخول معها في علاقات على أساس المساواة للإشارة فإن هذه الممالك عرفت بعض القواعد المتعلقة بحالة الحرب منها :
o سلم الرب :1095يتعلق الأمر بحياد المنشآت الدينية وحماية الربان والشيوخ والنساء و الأطفال عند الحرب.
o هدنة الرب 1096 ويتعلق الأمر بتحديد الحرب في بعض أيام الأسبوع خاصة تلك المصادفة للأعياد الدينية .
العالم الإسلامي : جاء الإسلام مؤكدا دعوات الرسل والنبيين للإيمان برب العالمين ومن ثم مقررا وحدة مصدر هذه الدعوات وهو الله الواحد الأحد وجوهر هذه الدعوات هو الإيمان به دون شريك وبالتالي فإن دعوة الإسلام لوحدة الأديان في مصدرها وفي جوهرها ومن ثم الإيمان بجميع الرسل وهو تأكيد لوحدة الإنسانية كلها في أصلها وفي اعتقادها لأن دعوة الإسلام لوحدة العالم قائمة على الأخوة لا يستبعد فيها الفرد لصالح الجماعة فهي وحدة قائمة على الحرية والعدالة وقد ساهم الفكر الإسلامي كثيرا في تخليق جملة من مبادئ القانون الدولي وحماية حقوق الإنسان ولا زال اليوم قادرا على التأثير في تطوير وإثراء مبادئ القانون الدولي أو يبرز كل ذلك من خلال المبادئ المتمثلة في :
o عالمية الشريعة الإسلامية : لقد اهتم الإسلام بمختلف جوانب الحياة وجاء بمبادئ إنسانية سامية تصلح لأن تكون أساسا متينا أو دائما لتنظيم حياة الجماعة الدولية من خلال المبادئ الإنسانية العالمية وتمتاز بأنها ليست ذات صبغة إقليمية ، أي أنها ذات صبغة عامة لجميع البشر دون تمييز أو تفضيل لبعضهم البعض
o أنها رسالة سلام : فالسلام هو أصل علاقة المسلم مع غيره من أجل توثيق أواسر المحبة والرحمة والأخوة بين كافة الناس ، حيث حرم القتال بين الناس إلا دفاعا عن النفس .
o الوفاء بالعهد : إن تثبيت السلم يتوقف على مدى احترام العقود والعهود والالتزام بها . كما قدم العهد على نصرة المستضعفين وهي لقداسة العهود في الإسلام .
o الكرامة الإنسانية : تكريم الإنسان دون تخصيص جنس على آخر ولا لون على حساب لون آخر .
o المساواة بين البشر : يؤكد الإسلام أن الإنسانية ذات أصل واحد ويؤكد الله أن اختلاف اللغات والألوان لا يمنع من وحدة الإنسانية بل الأصل هو التقوى التي محلها القلب وتجسدها الأعمال .
o حقوق الإنسان وحرياته : احترام حرية العقيدة احتراما كاملا فمنع إكراه الناس وإجبارهم على الدين نظرة الفقه الإسلامي للعلاقات الدولية :
للإسلام نظرة متميزة للعلاقات الدولية لأنه لا يعترف بانقسام العالم لدول ذات سيادة إنما يهدف إلى توحيد المسلمين كافة تحكمهم أحكام الشريعة الإسلامية . وينقسم هذا النظام إلى ثلاث أقسام دار الإسلام : هي الأراضي التي تكون فيها الكلمة العليا للمسلمين وتطبق فيها الشريعة الإسلامية دون منازع في جميع القضايا المتعلقة بالأحوال الشخصية .
1- دار العهد : وهي تشمل البلدان التي لا تخضع لحكم المسلمين غير أنها تقيم عهدا مع المسلمين ويدخل في هذه الدار الذميين والمستأمنين .
2- دار الحرب : وهي تلك البلاد التي ليست للمسلمين عليها ولاية ولا سلطان وليس بينها وبين المسلمين أي عهد .

المجتمع الدولي في العصر الحديث :
يبدأ العصر الحديث حسب المؤرخين من سقوط القسطنطينية على يدج محمد الفاتح 1453 إلى وقتنا الحالي :
المرحلة الأولى : من 1453إلى غاية 1815 تميزت هذه المرحلة بظهور مفهوم الدولة الحديثة وسيادة التوازن الدولي .
المرحلة الثانية : من 1815إلى 1914 الح الع 1 تميزت هذه المرحلة بعقد المؤتمرات الدولية بصورة بارزة.
المرحلة الثالثة : من الح الع 1 إلى يومنا هذا أو منا يسمى بمرحلة المنظمات الدولية .
أولا : يمكن القول أن هذه المرحلة عرفت ميلاد تنظيم دولي حقيقي بقارة أوربا ولهذا يطلق عادة على القانون الدولي التقليدي تسمية القانون العام الأوربي لأنه نشأ في أحضان الدول الأوربية الكبرى والتي كانت تنظر إليه بنوع من الأنانية المفرطة لتحضر تطبيقه على علاقاتها المتبادلة أي في إطار ما يسمى بالنادي الأوربي وشهدت هذه المرحلة عدة عوامل أثرت بطريقة أو بأخرى على نمو التنظيم الدولي الحديث وهي :
1- ظهور الدولة الحديثة المستقلة : تعتبر المرحلة الأولى والثانية هي المرحلة التي شهدت نشوء القانون الدولي في أوربا ولذلك يوصف القانون الدولي التقليدي بالأوربية . وقد نشأ هذا القانون ليحكم العلاقات الأوربية المسيحية بما فيها الذهب الكاثوليكي والبروتستانتي وبات القانون الدولي قانون تلك الدول دون سواها وأطلق عليها قانون الوصف العام الأوربي وظلت هذه الدول تنظر لقواعد ذلك القانون بوصفها نوعا من الامتياز القاصر عليها ، وتتم صياغة هذه القوانين داخل نادي أمم أوربا الغربية وفي نظر هؤلاء لا معنى لوجود باقي العالم إلا كوسيلة للحفاظ أو لتعزيز محتمل لنوعية حياة الطبقات ثم اتسع نطاق الأسرة الدولية ليشمل دول مسيحية غير أوربية وهي الدول الأمريكية التي حصلت على استقلالها ، ولم يتحرر القانون الدولي العام من الطابع المسيحي إلا سنة 1856 حين سمح لتركيا أن تنظم المجتمع الدولي ، وقد تم هذا الدخول تطبيقا للمعاهدة السلام المادة السابعة سنة 1856 .
العوامل المساعدة على نشوء جماعة دولية : لقد كان للنهضة الفكرية والعلمية دور في إبراز وإثراء الكثير من مبادئ وأحكام القانون الدولي من خلال كتابات ومؤلفات المختصين من خلال مدرستين أساسيتين هما : مدرسة القانون الطبيعي والتي من أبرز روادها الفقيه فيكتوريا 1480-1546 والفقيه جورسيوس ، أما المدرسة الوضعية الإرادية فمن أبرز مفكريها السويسري ثارتل هؤلاء المفكرين ساهموا إلى جانب الجامعات التي أنشأت في أوربا في القرنين 13-14 على تطوير جميع فروع العلوم والمعارف ومنها العلوم القانونية وزادت هذه الحركة العلمية بعد سقوط القسطنطينية ثم الأندلس وهجرة علمائها إلى أوربا وظهرت في هذه الفترة أهم قواعد القانون الدولي .
بعض آراء المفكرين :
فيكتوريا من أهم أفكاره الاعتراف بسيادة الدول وحرياتها وخضوعها للقانون الطبيعي ، ويعتبر فيكتوريا وهو راهب إسباني أستاذ القانون بجامعة تستمتكا أول من اعترف بسيادة الدول وحرياتهم وذهب إلى القول بأن الدول شأنها في ذلك شأن الأفراد في حاجة للانخراط في المجتمع ولا يتأتى ذلك إلا بقواعد القانون الدولي .
جورسيوس 1583-1645 وهو فقيه هولندي ويعتبر المؤسس الأول للقانون الدولي الحديث ومن أفكاره التمييز بين القانون الطبيعي والإرادي معتبرا الأول بوصفه تعبير عن العقل أو المنطق أو قانون الطبيعة ، أما القانون الإرادي فهو الذي يستمد قوته الإلزامية من إرادة جميع الأمم والشعوب ويمكن القول أن كتابات الفقهاء الوضعيين تكشف لنا عدد من المبادئ .
- أن الدول ذات سيادة وأنها مستقلة وأنها متساوية فيما بينها .
- المجتمع الدولي عبارة عن مجتمع مكون من مجموعة من الدول متساوية فيما بينها .
- القانون الدولي هو قانون الدول ولا مجال لتطبيقه على الأفراد .
- مصادره مستمدة من إرادة الدول ورضاها وتتمثل في المعاهدات الدولية .
- أن الدول هي الوحيد التي يمكنها أن تقرر ما يجب فعله أو تمتنع عن فعله.
أما بالنسبة للمدرسة الإرادية فيرى الفقيه قارتل 1714-1768 يرى أن القانون الإرادي يفسر ويترجم القانون الطبيعي ولا يخضع له ويتوقف تطبيق مبادئه على إرادة الدول فحسب .
2-الاكتشافات الجغرافية الكبرى : لقد اكتشاف أمريكا سنة 1492 إلى فتح مجال جديد للقانون التقليدي وهو التسابق بين الدول الأوروبية للحصول على المستعمرات والتي كانت تهيمن لنشأة النظام الاستعماري ومن أنظمة القانون التقليدي ،كما أدت الاكتشافات إلى توسيع العلاقات الدولية السياسية والتجارية ونظم عن ذلك تطور في عدد مجالات القانون الدولي كنظام الملاحة وتطور قانون البحار وكذلك قواعد اكتساب السيادة الإقليمية حيث أصبح الأمر مطروحا بشكل " من له الحق في الاستيلاء على الإقليم يكون بناء على الاكتشاف أم إقرار باطل ؟.
3- حركة الإصلاح الديني ومعاهدة واست فانيا : لقد كانت حركة الإصلاح الديني نتيجة حتمية لتعسف الكنيسة خاصة الكاثوليكية ومن رواد هذه الحركة هارتن لوثر في ألمانيا ، وكلقن في سويسرا وعلى إثر هذه الحركة انقسمت المجموعة الأوربية إلى مجموعتين :
1- مساندة للكنيسة مصرة على بقاء وحدة الكنيسة.
2- مجموعة تطالب بالحرية الدينية أو الاستقلال عن الكنيسة .
مما أدى لحروب دينية متواصلة بين الدول الكاثوليكية والبروتستانتية دامت 30 سنة من 1618إلى 1648 وانتهت هذه الحرب بإبرام معاهدة واست فانيا الأولى 14-10-1648 والثانية في 24-10-1648 واعتبرت هاتان المعاهدتان بمثابة ميلاد القانون الدولي المعاصر من خلال المبادئ التي أقرتها وهي :
- الاعتراف بانحلال الإمبراطورية الرومانية المقدسة وتقسيمها لدويلات قومية .
- إنهاء سيطرة الكنيسة وزوال السلطة البابوية من الناحية الزمنية وبقاؤها في النطاق الديني
- إقرار مبدأ سيادة الدولة والاعتراف بتساوي الدول في السيادة بغض النظر عن معتقدها ونظام حكمها.
- من الفكرة السابقة زالت الفكرة العادلة وغير العادلة وأصبحت الحرب حق من حقوق السيادة تمارسه الدولة متى شاءت .
- نشوء قانون التمثيل الدبلوماسي بواسطة سفارات دائمة وبعثات مؤقتة .
- أصبحت المعاهدات الدولية تقوم على أساس تراضي الدول الأطراف الوسيلة الفنية للمحافظة على النظام الأوربي الجديد .
3- الثورة الأمريكية : تظهر أهمية الثورة الأمريكية بصفة خاصة في أنها أسفر عن ميلاد دولة مسيحية مستقلة غير أوربية انضمت لميدان العلاقات الدولية وكان لها دور في تثبيت أكبر قواعد القانون الدولي .
5- الثورة الفرنسية : قامت في 1789 وقد سعت إلى إقرار عدد من المبادئ أبرزها :
 الاعتراف بالحريات الأساسية والحقوق العامة التي يتمتع بها الإنسان كفرد من أفراد المجتمع .
 التأكيد على أن السيادة هي ملك للشعب والأمة يمارسها عن طريق النواب .
 الإقرار بمبدأ حق تقرير المصير حتى تتمكن الشعوب من تكوين دولة على هذا الأساس .
وكان من نتيجة ذلك أن ارتبط مبدأ تقرير المصير بمبدأ القوميات والذي أصبح يسمى مبدأ تحرير المصير القومي وقد نجح هذا المبدأ في كثير من الحالات وانفصال اليونان عن الدولة العثمانية وانفصال بلجيكا وهولندا .
المرحلة الثانية : تميزت هذه المرحلة بعقد المؤتمرات واللجوء لاستعمال المعاهدات لقد تحرر القانون الدولي في مطلع القرن 19 م من الطابع الأوربي عندما شمل المجتمع الدولي دولا غير أوربية كالدول التي نالت استقلالها وعلى رأسها الو م أ وفي منتصف القرن التاسع عشر تحرر من صفة المسيحية عندما دخلت لميدان العلاقات الدولية لأول مرة الدولة العثمانية والصين واليابان .
1-مؤتمر فينا : انعقد هذا المؤتمر في جوان 1814 واستمر إلى غاية 1815 وكان يهدف لإعادة النظر في التوازن الدولي لقارة أوربا التي انهارت بسبب حروب نابليون وأهم قرارات المؤتمر مايلي :
 تنظيم التوازن الأوربي وقد اختلفت وجهات النظر حول كيفية إعادة التوازن حيث أكدت الوجهة الفرنسية الأخذ بمبدالمشروعية والذي يعني احترام الحق الشرعي للملك في السيادة على إقليمية ورعاياه . وجهة نظر بروسيا وقد كانت معارضة لوجهة النظر الفرنسية مبينة أن المؤتمر هو ذو طابع سياسي لذى يجب أنة ينصب عمله على معالجة مبدأ التوازن السياسي ورغبات الدول المشاركة .وقد تبنى المؤتمر في الأخير الوجهة الفرنسية .
2- الحلف المقدس : وضع الاتفاق السابق موضع التطبيق في 26-9-1815 وأنشأت كل من روسيا النمسا وبروسيا ثم بريطانيا وفرنسا ما يسمى بالحلف المقدس وكان يهدف هذا الحلف أيضا بالتصدي إلى مبدأ تقرير المصير الذي جاءت به الثورة الفرنسية وقد اتخذت عدة مؤتمرات للقضاء على حركات التحرر كما حصل في إسبانيا 1820 وإيطاليا 1821 ولما أرادت التدخل في بعض المستعمرات البرتقالية والإسبانية في قارة أمريكا وتصدت الولايات المتحدة مكن خلال تصريح في شكل رسالة من الرئيس الأمريكي جيمس هنرو بتاريخ 02-12-1883 موجه للكونغرس الأمريكي أن التدخل من الحلف المقدس في شؤون الدول الأمريكية الجنوبية الحديثة الاستقلال يعتبر بمثابة خطر يهدد سلامة أمريكا وهكذا انهار الحلف المقدس في أقل من خمس سنوات لتنتشر بعد ذلك الأفكار التحررية ومبدأ القوميات ويظهر مبدأ جديد في تحديد العلاقات الدولية
إقرار بعض التنظيمات الدولية : وحاولت تحديد وضعية خاصة بالمبعوثين الدبلوماسيين وتنظيم الملاحة والأنهار الدولية الراين الألب والدانوب ، وضع سويسرا في الحياد الدائم وحضر تجارة الرق .
مبدأ القوميات : يرتبط الحديث عن القوميات بمعيار القومية أو الأمة وقد ثار خلاف بخصوص المقوم الأساسي لتشكيل الأمة وبسبب النزاع بين فرنسا وألمانيا على مقاطعتي الألزاس واللورين ظهرت في الفقه الغربي نظريتان حول هذا الموضوع :
1- النظرية الموضوعية : وتمثلها المدرسة الألمانية وتستند لاعتبارات موضوعية في تحديد مفهوم الأمة فهناك جانب يعتبر أن اللغة هي المقوم ويرى هتلر أن العرق هو الأساس وأن اللغة تابعة له ويقول الفقيه مومس " إن كان الألزاسيون قد فقدوا وعيهم القومي بسبب الاحتلال الفرنسي فإنهم لا يزالون ألمانا باللغة ".
2- النظرية الإرادية الشخصية : وهي المدرسة الفرنسية الإيطالية وهي تعرف الأمة استنادا لاعتبارات نفسية فالعنصر الأساسي عندهم في بناء القومية وتكوين الأمة هو الإرادة وقد دافع عن هذه النظرية الفقيه الإيطالي مانتشيني والفرنسي إيرنيست رينان وأكدا أن الإرادة وحدها لا تكفي بل لا د من توافر معطيات وهكذا انتشر خلال القرن 19 مبدأ القوميات وبذلك انفصلت اليونان عن الدولة العثمانية ثم بلجيكا عن هولندا واستقلت رومانيا وبلغاريا في 1878 وألبانيا في 1912 وهذا المبدأ لعب دورا كبير في القضاء على الحلف المقدس .
اتساع استعمال المعاهدات الدولية : حيث أصبحت المعاهدة أسلوبا قانونيا تتجه مختلف الدول في معاملاتها فساعد هذا على التنظيم الدولي ونذكر على سبيل المثال معاهدة باريس سنة 1856 بشأن قانون البحار واتفاقية جنيف بشأن وضع أسرى وجرحى الحرب سنة 1864 واتفاقية بروكسل المتعلقة بحضر تجارة الرقيق 1890 ومعاهدة لاهاي في 1899 و 1907 المتعلقين بمسألة معالجة مسألة السلم في العالم وإنشاء محكمة عدل دولية .
ملاحظة : سياسة الوفاق الأوربي التي انتهجتها الدول الأوربية هيأت فكرة المساواة القانونية بين الدول وذلك من خلال سياسة الباب المفتوح في ميدان العلاقات الدولية مما سمح لدخول دول غير مسيحية وغير أوربية إلى المجموعة الدولية .
المرحلة الثالثة : 1914 إلى العصر الحالي :
 تميزت بظهور منظمات دولية كأشخاص جديدة في المجتمع الدولي .
 حدوث تغيرات هامة على الساحة الدولية أثرت في تطور المجتمع الدولي ومنه في قواعد القانون الدولي ويمكن إجمالها في :
• تبلور ظاهرة التنظيم الدولي من خلال تسجيل عدة معاهدات واتفاقات هدفها هو إرساء وتطوير التعاون الدولي ، ظهور الشركات المتعددة الجنسيات ، تجسيد فكرة التنظيم الدولي بعد الح الع 1 وظهور عصبة الأمم بمقتضى معاهدة فرساي سنة 1919 لحفظ السلم وتنظيم العلاقات المختلفة وتأسيس هيأة الأمم المتحدة 1945 .
• عالمية المجتمع الدولي وساعد على ظهور الطابع المسيحي المسيطر وأدى إلى بروز دول جديدة على الساحة الدولية وانهيار النظام الاستعماري بفعل الحركات التحررية ، وظهور الكثير من الدول الحديثة الاستقلال وتكتل الدول الحديثة للدفاع عن مصالحها ، بروز ظاهرة الوعي القومي في أوربا الشرقية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ، اتحاد بعض الدول كالألمانيتين واليمنين وارتفاع عدد أعضاء المجتمع الدولي .
تقسيم العالم : تقسم العالم لتكتلات سياسية واقتصادية نتيجة ظهور المصالح الخاصة واشتداد التنافس والحرب الباردة وظهور دول عدم الانحياز .
الكتلة الغربية : بقيادة الو م أ التي شملت حماية أوربا الغربية وأسست الحلف الأطلسي .
الكتلة الشرقية : بقيادة الاتحاد س الذي ضم أوربا الشرقية معتمدا على حلف وارسو ومنظمة الكوميكون .
مجموعة دول عدم الانحياز : التي قامت لعدة أسباب منها انتشار الحركات التحررية والرغبة في التنمية والحرب الباردة .
التقدم العلمي والتكنولوجي : لعب دورا كبير في نمو وتطور العلاقات والقانون الدولي وتنظيم هذه العلاقات وتجلى ذلك من خلال الاختراعات والاكتشافات العلمية التي استعملت في ميدان التسلح وما يشكله من خطر وسعت عدة دول لوضع الترتيبات اللازمة حيث أقيمت عدة معاهدات أهمها معاهدة موسكو 1963 لحضر التجارب النووية في الجو وتحت الماء ، ومعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية التي أقرتها الأمم المتحدة وقد وقعتها أكثر من 160 دولة منها الجزائر سنة 1994 إضافة للاتفاقات الثنائية للحد من الأسلحة النووية الإستراتيجية .
الاتساع الموضوعي للعلاقات الدولية : أما هذه التطورات الجديدة المتلاحقة لم يجد التنظيم الدولي منصبا على المجالات السياسية بل ليشمل مجالات أخرى منها :
المجال الاجتماعي والإنساني :والدفاع عن حقوق الإنسان وحماية الأجانب ومن إبادة الجنس البشري وحماية الأقليات ومنع التفرقة العنصرية وتنظيم شؤون العمل .
المجال الاقتصادي : من خلال تنظيم الاستثمارات الأجنبية وتنظيم نشاطات الشركات المتعددة الجنسيات وميثاق الحقوق والواجبات الاقتصادية وحق الشعوب في التصرف في مواردها .


شنكاو هشام باحت في العلاقات الدولية والقانون الدولي

السبت، 3 أبريل 2010

حظر استخدام القوة في العلاقات الدولية

شنكاو هشام باحت في العلاقات الدولية والقانون الدولي

أولا: مبدأ حظر استخدام القوة في عهد عصبة الأمم:
جاء عهد عصبة الأمم، معلنًا بداية عصر التنظيم الدولي، فقد اتفقت الدول على إنشاء أول منظمة دولية عامة، تكون مهمتها المحافظة على السلم والأمن الدوليين( )، بعد الدمار والخراب في الحرب العالمية الأولى.
وكان عهد العصبة نتيجة التوفيق بين المشروع الأمريكي الذي اقترحه الرئيس ويلسن والاقتراح البريطاني الذي صاغه اللورد فيلمور، قد تم إقرار العهد في 28 إبريل عام 1919م في أثناء انعقاد مؤتمر باريس للسلام وأدمج في صدر معاهدة فرساي وأصبح جزءًا لا يتجزأ منها وبدأ سريان العهد في العاشر من يناير 1920
ويعتبر عهد عصبة الأمم، أول تطوير لقواعد القانون الدولي التقليدي المتعلقة بالحرب، فقد أصبحت الحرب طبقًا لنصوص العهد أمرًا يهم المجتمع الدولي بأسره ويظهر ذلك واضحًا من ديباجة العهد التي نصت على أن (الأطراف المتعاقدة السامية، رغبة في الدفع قدمًا، بالتعاون الدولي وتحقيق السلام والأمن الدولي بقبول التزامات بعدم الالتجاء للحرب باشتراع علاقات علنية وعادلة وشريفة بين الأمم، بالإرساء الراسخ لتفهم القانون الدولي بوصفه قاعدة السلوك المتبعة في الوقت الحاضر بين الحكومات، وبالمحافظة على العدل باحترام الالتزامات التعاهدية احترامًا تامًا في معاملات الشعوب المنظمة الواحد بالآخر توافق على عهد عصبة الأمم.
لم يتضمن عهد العصبة نصا صريحًا يحرم اللجوء إلى الحرب( )، ولم يأخذ بالتفرقة التقليدية بين الحرب العادلة وغير العادلة، إنما أخذ بتفرقة أخرى هي الحرب المشروعة والحرب غير المشروعة، وفقًا لما يفهم من فقرات وأحكام المواد (12، 13، 15) من العهد، ولم يقصر العهد هذه التفرقة على أعضاء عصبة الأمم وحدهم وإنما مد هذه التفرقة إلى جميع الدول الأخرى.
وطبقًا لعهد عصبة الأمم تعتبر الحرب غير مشروعة في الحالات الآتية:
1 ـ تعتبر الحرب غير مشروعة إذا شنت قبل عرض النزاع على التحكيم أو التسوية القضائية أو التحقيق بواسطة مجلس العصبة وفقا لما جاء بصدر المادة (12/1) من العهد
2 ـ تعتبر الحرب غير مشروعة إذا نشبت قبل انقضاء فترة ثلاثة أشهر على صدور قرار التحكيم أو الحكم القضائي أو تقرير المجلس وفقًا لعجز الفقرة الأولى من المادة الثانية عشر.
3 ـ تعتبر الحرب غير مشروعة إذا أعلنت ضد دولة قبلت قرار التحكيم أو الحكم القضائي الصادر من المحكمة الدائمة للعدل الدولي أو تقرير المجلس الصادر بالإجماع في موضوع النزاع ولو بعد مرور فترة الثلاثة أشهر وفقًا المادتين (13/4، 15/6) من العهد.
4 ـ في حالة النزاع بين دولة عضو ودولة ليست عضوًا في العصبة أو بين دولتين غير أعضاء في العصبة فإن اللجوء إلى الحرب يعد أمرًا غير مشروع في ظروف معينة وفقـًا للمادة (17/1، 3) من العهد.
5 ـ تعتبر حرب العدوان التي تهم أعضاء العصبة جمعيًا طبقًا لنص المادة (10) من العهد غير مشروعة، حرب العدوان هي كل حرب ترتكب خروجًا على التزام الدول الأعضاء باحترام وكفالة السلامة الإقليمية والاستقلال السياسي للدول ضد أي عدوان خارجي
وفى حالة وقوع حرب عدوانية، أو التهديد بها، يشير المجلس بالوسائل التي يتم بها تنفيذ هذا الالتزام، وهذا الفرض قد وضع اللبنات الأولى لمبدأ الأمن الجماعي الدولي، ذلك أن حرب العدوان هذه أصبحت تهم أعضاء العصبة جميعًا، فوجب عليهم أن يهبوا لتقديم المعونة للمجني عليه طبقًا للمادة (11) من العهد( )، ونصت (يعلن أعضاء العصبة بأن أي حرب أو تهديد بها سواء كان أم لم يكن له تأثير مباشر في أي عضو من أعضاء العصبة جميعًا يعتبر مسألة تهم العصبة جميعا)، ويعد نص المادة العاشرة من العهد حجر الأساس فيما يتصل بموقفه من الحرب، ورغم ذلك فقد تعرض لانتقادات عديدة منها أنه تضمن فقط مجرد التزام أخلاقي، بالإضافة إلى عدم وضوح المقصود ببعض الاصطلاحات التي احتواها النص مثل "سلامة الأقاليم، والاستقلال السياسي"
ولعل أهم ما يوجه نص المادة العاشرة، هو التعارض الواضح مع نص المادة (15/7)، من العهد، الذي أجاز اللجوء إلى الحرب في ظروف معينة في حين أن نص المادة العاشرة يبدو وكأنه قد حظر اللجوء إلى الحرب باستثناء حالة الدفاع الشرعي( ) فضلاً عن أن الأعمال التحضيرية للعهد لم يأت بها أي إشارة يمكن بها إزالة هذا التناقض وكل ما يمكن استخلاصه منها هو وجود ارتباط بين نص المادة العاشرة ونص الفقرة السابعة من المادة الخامسة عشر
نستخلص مما سبق أنه بمفهوم المخالفة لحالات الحرب غير المشروعة السابق ذكرها، يمكن القول أن عهد عصبة الأمم قد جعل الحرب مشروعة ضد الدولة التي ترفض تنفيذ قرارات محكمة التحكيم أو الحكم الصادر من محكمة دولية مثل المحكمة الدائمة للعدل الدولي، أو ضد الدولة التي ترفض النزول على مقتضى التقدير الذي يصدر بالإجماع من قبل مجلس العصبة بعد مرور ثلاثة أشهر (م/12/1)، وكذلك تعتبر الحرب مشروعة في حالة الدفاع الشرعي المقابل لحرب العدوان وفقًا لنص المادة (15/7) السابق الإشارة إليها
وترتيبًا على ما سبق، يتضح أن عهد عصبة الأمم لم يحرم اللجوء إلى الحرب تحريمـًا مطلقًا وإنما حرمه تحريمًا جزئيًا فقط، ذلك أن الدول الاستعمارية في ذلك الوقت كان يعز عليها أن تنتقل فجأة من دائرة مشروعية الحرب واتخاذها وسيلة لتحقيق أطماعها وسياساتها إلى دائرة عدم المشروعية واعتبار الحرب وسيلة غير مشروعة
ولم يقتصر العهد على ما سبق، إنما حاول وضع عقوبات ضد الدول التي تلجأ إلى الحرب خلافًا للأحكام والشروط التي وضعت في المادة (16)( ) وصحيح أن هذه العقوبات يمكن أن تكون غير كافية وغير مؤكدة وعرضية ولكن في أحوال معينة تكون قاسية لو طبقتها الدول جميعا، وفى خلال عهد العصبة استمرت النظرة إلى الحرب ومشروعيتها في حدود النصوص التي أوردها وسبق الإشارة إليها، وحدث خلال تلك الفترة مجهودات في إطار العصبة وخارجها فيما يتصل بالأحكام الخاصة بمشروعية الحرب اقتناعًا بضرورة وضع المزيد من القيود على حق الدول في اللجوء إلى الحرب.
الجهود الدولية في إطار العصبة:
تم في إطار العصبة عدة محاولات لوضع قيود على حق الدول في استخدام القوة:
1 ـ مشروع معاهدة المساعدة المتبادلة 1923م
2 ـ بروتوكول جنيف للتسوية السلمية للمنازعات الدولية 1924م
3 ـ تصريح عصبة الأمم بشأن الحرب العدوانية
أما خارج إطار العصبة فقد تمت عدة محاولات للحد من استخدام القوة هي:
1 ـ اتفاقيات لوكارنو 16 أكتوبر 1925م
2 ـ ميثاق باريس (بريان – كيلوج) 27 أغسطس 1928م
يتضح مما سبق، أن المحاولات التي جرت قبل ميثاق الأمم المتحدة، لم تفلح في حظر الحرب أو اللجوء إلى استخدام القوة في العلاقات الدولية، ولم تنجح أيضًا في وضع تنظيم قانوني فعال، في شأن تحريم استخدام القوة المسلحة في العلاقات الدولية، لعدم وجود نص قانوني في شأن تلك المسألة، إضافة إلى الأسباب المتعلقة بقصور التنظيم الدولي
ثانيا: مبدأ حظر استخدم القوة في ميثاق الأمم المتحدة:
جاء ميثاق الأمم المتحدة ليكمل الخطوة النهائية في مراحل حظرالحرب واللجوء إلى استخدام القوة في العلاقات الدولية، فلم تكن المعاهدات والوثائق الدولية التي صدرت قبله كافية لتجنب العالم خطر حرب عالمية أخرى، وهو ما حدث بالفعل، فوقعت الحرب العالمية الثانية التي جرت على العالم أحزانًا وأهوالاً يعجز عنها الوصف، لذلك لم تجد شعوب العالم ـ بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ـ مفرًا من السعي قدمًا نحو ترسيخ مفاهيم التضامن والتنظيم الدولي فتم إنشاء منظمة الأمم المتحدة وقد عبرت عن هذا ديباجة ميثاقها.
ترتيبًا على ما سبق، فقد جاء خطر استخدام القوة في ميثاق الأمم المتحدة موضوعيًا بغض النظر عن المبررات والأعذار، وبذلك تكون الأمم المتحدة قد تمكنت لأول مرة في تاريخ المجتمع الدولي، من تحقيق خطوة إيجابية بتجريد الدول حق اللجوء إلى استخدام القوة أو الحرب لتسوية المنازعات الدولية وذلك ببناء تنظيم قانوني ينشد تحقيق السلم والأمن الدوليين( )، فالحظر في الميثاق على خلاف ما ورد في عهد العصبة، عامًا وشاملاً ( ).
تالتا: أساس مبدأ حظر استخدام القوة في ميثاق الأمم المتحدة:
إن السند القانوني الصريح لمبدأ حظر استخدام القوة في ميثاق الأمم المتحدة المادة(2/4)(يمتنع أعضاء الهيئة عن التهديد باستخدام القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة).
ويوجد في الميثاق بعض المواد التي تشير ضمنًا أو بطريق المخالفة إلى حظر استخدام القوة في العلاقات الدولية فمثلاً نصت (1/1) علي (حفظ السلم والأمن الدوليين وتحقيقًا لهذه الغاية تتخذ الهيئة التدابير المشتركة الفعالة لمنع الأسباب التي تهدد السلم وإزالتها).
فقد أوضحت هذه الفقرة بأن حفظ السلم والأمن الدوليين من أهم أهداف الأمم المتحدة مما يعنى بطريق المخالفة أن نبذ استخدام القوة في العلاقات الدولية يعد أيضًا من أهم أهداف الأمم المتحدة، وتؤكد ذلك (2/3) وتنص علي (يفض جميع أعضاء الهيئة منازعاتهم الدولية بالوسائل السلمية على وجه لا يجعل السلم والأمن والعدل الدولي عرضة للخطر)( ).
الواقع أن مبدأ التسوية السلمية الوارد سلفا يرتبط ارتباطـًا وثيقـًا بمبدأ استخدام القوة في العلاقات الدولية، فالمنازعات الدولية لا محال موجودة واستخدم القوة محظور فكان من الطبيعي ضرورة النص على وسيلة أخرى لحل هذه المنازعات الدولية – غير القوة – فجاءت (2/3) لتنص على مبدأ التسوية السلمية كوسيلة لحل المنازعات الدولية( ).
أما نص المادتين (33 و 37) من الميثاق فهما مكملان لنص (2/3) الخاص بالتسوية السلمية للمنازعات الدولية فالمادة (33) من الميثاق توضح طرق التسوية السلمية التي يمكن للأطراف المتنازعة أن تلجأ إليها لحل المنازعات القائمة بينهم
أما المادة (37) من الميثاق، فإنها تجعل لمجلس الأمن دورًا في تسوية المنازعات الدولية في حالة فشل التسوية من خلال الطرق السابقة التي وردت في المادة (33) سالفة الذكر( )تنص المادتين (33 و 37) على الكيفية التي يتم بها تطبيق نص المادة (2/3) بشأن التسوية السلمية للمنازعات الدولية، والذي يعتبر تطبيقه نتيجة حتمية لالتزام الدول بعدم اللجوء للقوة أو التهديد بها في علاقاتهم الدولية
إن المجتمع الدولي ـ بعد ميثاق الأمم المتحدة ـ أصبح ينظر إلى الحروب واستخدام القوة باعتبارهما وسائل غير مشروعة في العلاقات الدولية، ففي 8 أغسطس 1945م أبرم اتفاق بين كل من فرنسا وبريطانيا والاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، بإنشاء محكمة عسكرية دولية لمحاكمة مجرمي الحرب، وقد أرفق بالاتفاق لائحة تضم الأحكام الخاصة بتشكيل المحكمة وإجراءاتها واختصاصاتها وقد نصت المادة (6) من هذه اللائحة على أن الهدف من إنشاء المحكمة هو محاكمة مجرمي الحرب كما نصت هذه المادة أيضًا على الجرائم التي تختص بها المحكمة والتي يعد ارتكابها منشأ للمسئولية الدولية، ومن بينها الجرائم ضد السلام مثل تخطيط وإعداد وشن حرب عدوانية أو حرب بالمخالفة للمعاهدات الدولية أو الاشتراك في خطة عامة أو مؤامرة في هذا الشأن( ) ثم تأكدت هذه القاعدة بالنص عليها في المواثيق الدولية وقرارات هيئة الأمم المتحدة ومن بينها على سبيل المثال لا الحصر:
• قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (290) الصـادر في 1/12/1949م والذي يسمـى " أسس السلام" تضمن عددًا من المبادىء دعا القرار الدول الأعضاء إلى احترامها والمبدأ الثاني هو تكرار صريح لنص م (2/4) أما المبدأ الثالث فقد دعا الدول الأعضاء إلى الامتناع عن أي تهديدات وأعمال مباشرة أو غير مباشرة تهدف إلى المساس بحرية واستقلال أو تكامل أي دولة أو إثارة صراعات داخلية وقهر إرادة شعب أي دولة.
• قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (2625) الصادر في 24 أكتوبر 1970م الذي أكد على التزام الدول بالامتناع عن الدعاية لحرب الاعتداء أو التهديد باستخدام القوة أو استعمالها لانتهاك الحدود الدولية لأي دولة كوسيلة لحل المنازعات الإقليمية، وأن انتهاك مبدأ حظر استخدام القوة الوارد في المادة (2/4) يعد انتهاكا للقانون الدولي وأحكام الميثاق.
• القرار رقم (2334) الصادر في 16 ديسمبر 1970، والمعروف بإعلان "تعزيز الأمن الدولي" الذي نص على دعوة جميع الدول بمراعاة أهداف ومبادئ الأمم المتحدة في علاقاتهم الدولية خاصة مبدأ الامتناع عن اللجوء للقوة أو التهديد بها وحل المنازعات الدولية بالطرق السلمية.
• ومن أهم القرارات الصادرة عن الجمعية العامة، القرار رقم (3314) الصادر في 14 ديسمبر 1974م الخاص "بتعريف العدوان"، فقد بدأت محاولات تعريف العدوان عن طريق الأمم المتحدة منذ مؤتمر سان فرنسسكو، إلا أن الجهود التي بذلت في هذا الصدد باءت بالفشل، لم يفت من تصميم الأمم المتحدة على تعريف العدوان، فبدأت المحاولات مرة أخرى اعتبارًا من عام 1950م عن طريق الجمعية العامة من خلال لجنة القانون الدولي، وتكليف الأمين العام للمنظمة بإعداد تقرير شامل عن الموضوع، ثم أنشئت لجان خاصة لتعريف العدوان في أعوام 1953، 1956م، 1967م، إلى أن تم التوصل عام 1974م إلى القرار رقم (3314)، (25)
ويعتبر تعريف العدوان ضروريًا لاعتبارات حفظ السلم والأمن الدوليين، وبعد زهاء نصف قرن تسنى لخبراء القانون والسياسة الاتفاق على تعريف العدوان، بصورة نهائية، حيث كانت المحاولات الأولى قد بدأت منذ عام 1923م في عهد عصبة الأمم. وبعد حل عصبة الأمم واصلت الأمم المتحدة العمل في لجنة خاصة بتعريف العدوان، ثم تقدمت بمشروع للتعريف يتضمن ثماني مواد إلى الجمعية العامة في إبريل سنة 1974م. وقد صدر قرار الجمعية العامة رقم 3314 في دورة الانعقاد التاسعة والعشرين في 15 ديسمبر سنة 1974م بتعريف العدوان كما يلي:
• المادة الأولى: العدوان هو استخدام القوات المسلحة بمعرفة دولة ضد سيادة ووحدة الأراضي أو الاستقلال السياسي لدولة أخرى، أو بأي شكل يتنافى وميثاق الأمم المتحدة، ونلاحظ في هذا التعريف أن لفظة "دولة" استخدمت دون إخلال بمسائل الاعتراف أو ما إذا كانت الدولة عضواً في هيئة الأمم المتحدة وكذلك يقبل المعنى (مجموعة دول) عندما يكون هذا المفهوم مناسبًا.
• المادة الثانية: يعتبر استخدام القوات المسلحة بالمخالفة للميثاق في ظاهر الأمر دليلاً على العدوان ومع ذلك يجوز لمجلس الأمن وفقاً للميثاق أن يقرر أنه ليس هناك مبرر لتقرير وقوع عدوان في ضوء الظروف الأخرى التي لها علاقة بالموضوع بما في ذلك أن الأحداث المعنية أو نتائجها ليست جسيمة لدرجة كافية.
• المادة الثالثة: ترقى أية من الأفعال التالية بصرف النظر عن إعلان الحرب إلى مستوى العدوان، وفقًا لنصوص المادة الثانية:
أ ـ الغزو أو الهجوم بقوات مسلحة تابعة لدولة لأراضى دولة أخرى أو أي احتلال عسكري حتى ولو كان مؤقتًا نتيجة مثل هذا الغزو أو الهجوم، أو أي ضم باستخدام القوة المسلحة لدولة ضد أراضى دولة أخرى، أو استخدام أية أسلحة ضد أراضى دولة أخرى.
ب ـ القصف بالقنابل من القوات المسلحة لدولة ضد أراضى دولة أخرى أو استخدام أية أسلحة لدولة ضد أراضى دولة أخرى.
ج ـ حصار المواني أو سواحل دولة بالقوات المسلحة لدولة أخرى.
د ـ هجوم القوات المسلحة على القوات البرية أو البحرية أو الجوية أو المطارات أو المواني البحرية لدولة أخرى.
هـ ـ استخدام القوات المسلحة لدولة داخل أراضى دولة أخرى وبموافقة الدولة المضيفة، بالمخالفة للشروط المنصوص عليها في الاتفاقية أو أي امتداد لوجودها في تلك الأراضي بعد انتهاء الاتفاقية.
و ـ سماح دولة باستخدام أراضيها ضد دولة إذا وضعتها تحت تصرف دولة أخرى للإعداد للعدوان ضد هذه الدولة الثالثة.
ز ـ إرسال جماعات مسلحة بمعرفة دولة أو عن طريقها، أو قوات مرتزقة للقيام بأعمال مسلحة ضد دولة أخرى بشكل جدي يرقى إلى الأفعال المبينة فيما سبق أو انغماسها المادي في ذلك.
• المادة الرابعة: الأفعال المنصوص عليها فيما سبق ليست على سبيل الحصر ويجوز لمجلس الأمن أن يقرر ما إذا كانت أفعال أخرى تشكل عدواناً بموجب نصوص الميثاق.
• المادة الخامسة: لا يؤخذ في الاعتبار أية دوافع سياسية أو اقتصادية أو عسكرية أو غيرها كمبرر للعدوان. وجريمة العدوان هي جريمة ضد السلام العالمي. وتنشأ عن العدوان مسئولية دولية ولا يعترف قانونًا بضم أراضى أو الحصول على ميزة خاصة تنتج عن العدوان.
• المادة السادسة: ليس في هذا التعريف ما يفسر على أنه توسيع لنطاق الميثاق أو الإقلال منه بما في ذلك النصوص الخاصة بحالات يكون استخدام القوة فيها مشروعًا (م/51).
• المادة السابعة: ليس في هذا التعريف بصفة خاصة المادة الثالثة ما يخل بأي وجه بحق تقرير المصير أو الحرية أو الاستقلال، وفقًا للميثاق، للشعوب التي حرمت قهرًا من هذا الحق وعلى نحو ما هو مشار إليه في الإعلان العالمي لمبادئ القانون الدولي فيما يختص بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول وفقًا لميثاق الأمم المتحدة، وخصوصاً الشعوب تحت الأنظمة الاستعمارية والعنصرية والأشكال الأخرى للسيطرة الأجنبية، ولا يخل بحق هذه الشعوب في النضال الذي يرمى إلى الحصول على الدعم والمساندة، ووفقًا لمبادئ الميثاق وبما يتفق والإعلان العالمي المشار إليه.
• المادة الثامنة: عند تفسير وتطبيق النصوص السابقة، فإنها تؤخذ بمعانيها معًا، وكل نص يجب أن يفسر في ضوء النصوص الأخرى.
وقد أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة التعريف السابق بصورة نهائية في 14 ديسمبر 1974م وكان ذلك إنجازًا كبيرًا. وقد صدر هذا القرار بالإجماع. مما يعطيه أهمية قانونية كبيرة
وتتمثل أهمية هذا القرار في تفسير بعض نصوص الميثاق وبصفة خاصة المواد (39، 41، 42) من الفصل السابع الخاص بالأعمال التي يمكن أن يتخذها مجلس الأمن في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان، علمًا بأن هذا القرار لم يتضمن حصرا للأعمال التي يمكن أن تشكل عدوانًا، وبالتالي فإنه يمكن الرجوع إليه – من خلال إعمال القياس – لتكييف حالات العدوان بالنسبة لما يستجد من حالات لم ينص عليها القرار
• مشروع مدونة الجرائم المخلة بسلم الإنسانية وأمنها، ففي عام 1954م، قامت لجنة القانون الدولي بمشروع المدونة، إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي رأت في قرارها رقم (897 د/9) الصادر في 4 ديسمبر لسنة 1954م، ولكن المشروع كما صاغته اللجنة يثير مشاكل ذات صلة بالمشاكل التي يثيرها تعريف العدوان، ولذلك قـررت المدونة إرجاء النظر في مشروع المدونة إلى أن يتم تعريف العدوان وفى العاشـر من ديسمبر لسنة 1981م دعت الجمعية العامة في قرارها (106/ د36) لجنة القانون الدولي إلى استئناف عملها من أجل إعداد مدونة الجرائم المخلة بسلم الإنسانية وأمنها وقد اعتمدت اللجنة بصفة مؤقتة حتى عام 1991م صياغة المواد (من 1 إلى 17) ومازالت اللجنة تعكف على دراسة مختلف جوانب المشروع( ) الخاصة بجريمة العدوان والذي يهمنا في هذا المشروع هو النوع الأول من الجرائم المنصوص عليه في المادة (15/2) التي تنص على ما يلي(استعمال دولة ما للقوة المسلحة ضد سيادة دولة أخرى أو سلامتها الإقليمية أو استقلالها السياسي أو بأي صورة أخرى تتنافى مع ميثاق الأمم المتحدة).
• المادة (16) من المشروع الخاص بجريمة العدوان فنصت على أنه: (يتمثل التهديد بالعـدوان في إصدار بيانات أو إجراء اتصالات أو استعراض للقوة أو تدابير أخرى من شأنها أن تحمل حكومة دولة ما على الاعتقاد حقًا بوجود تفكير جدي في ارتكاب عدوان على هذه الدولة).
• ويعالج مشروع نص المادة (17/2) جريمة التدخل بأنها تتمثل التدخل في الشئون الداخلية أو الخارجية لدولة ما بالتحريض على القيام بأنشطة "مسلحة" هدامة أو إرهابية، أو في تنظيم هذه الأنشطة أو المساعدة عليها أو تمويلها، أو تقديم الأسلحة اللازمة لها، والإخلال بذلك "على نحو خطير" بحرية ممارسة هذه الدولة لحقوقها السياسية.
• وينص مشروع المادة (24) على جريمة الإرهاب الدولي بأنها عبارة عن: (مباشرة أعمال ضد دولة أخرى أو تنظيمها أو مساعدتها أو تمويلها أو تشجيعها أو السكوت عنها، وتكون أعمالاً موجهة ضد الأشخاص أو الأموال ومن شأنها إثارة الرعب في أذهان الشخصيات العامة، أو جماعات من الأشخاص، أو الجمهور بصفة عامة).
وهذا النص جاء متفقًا والتطورات العالمية التي تعمل على مكافحة الإرهاب، وتعمل على إنزال أقصى العقـوبات بمرتكبيه، والمقصود هنا بالإرهـاب الدولي وليس الداخلي أي الإرهاب الموجه من دولة ضد دولة، أو إرهـاب الجمـاعات والمنظمات على الصعيد الدولي أي التي تشتمل على عنصر أجنبي.
ما سلف، كان أهم المواثيق الدولية والقرارات التي صدرت عن هيئة الأمم المتحدة التي تؤيد وتؤكد ما ورد في نص الفقرة الرابعة من المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة، وهو المبدأ الذي أصبح من النظام العام في القانون الدولي العام، أي من القواعد الآمرة في القانون الدولي، التي لا يجوز مخالفتها ولا حتى الاتفاق علي مخالفتها.
رابعا: المقصود بالقوة المحظورة في الفقرة الرابعة من المادة الثانية (م2/4):
نصت المادة (2/4) على أن: (يمتنع أعضاء الهيئة جميعها في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة).
يمكننا أن نستخلص من نص المادة (2/4) سالف الذكر، أن الدول يحظر عليها ما يلي:
1 ـ التهديد بالقوة أي مجرد التهديد بها.
2 ـ استخدام القوة الفعلية ضد:
أ ـ السلامة الإقليمية.
ب ـ الاستقلال السياسي لدولة عضو من أعضاء المنظمة.
ج ـ استخدام القوة على نحو لا يتفق مع أهداف الأمم المتحدة.
لا يشترط توافر نية عدوانية من الدولة حتى تنتهك الحظر بالمادة (م/2/4) لصعوبة إثباتها.
وقد ثار خلاف في الفقه والعمل الدوليين حول تفسير معنى كلمة "القوة" الواردة في نص المادة (2/4) من حيث أنها تنصرف فقط إلى القوة المسلحة أم تمتد فتشمل الضغوط الاقتصادية والسياسية أيضًا، وهناك اتجاهين رئيسيين:
الاتجـاه الأول: التفسـير الواسـع:
يرى هذا الاتجاه أن اصطلاح " القوة " الذي ورد في المادة (2/4) من الميثاق يشمل القوة المسلحة وغير المسلحة، بحيث تشمل الضغوط السياسية والاقتصادية والدبلوماسية
وقد أستند أنصار هذا الرأي إلى الأسانيد التالية:
1 ـ أن المادة (2/4) لم تحصر الصور المحظورة للقوة، بل بينت أنها تلك الموجهة ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة والتي لا تتفق مع مقاصد الأمم المتحدة وليست القوة المسلحة وحدها هي التي من شأنها حدوث ذلك، بل إن ممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية ضد دولة معينة قد يؤدى إلى ذات النتيجة وبطريقة واضحة .
2 ـ يستند أنصار هذا الاتجاه أيضًا إلى القياس على أحكام المادتين (41، 42) من الميثاق اللتين تتحدثان عن التدابير العسكرية وغير العسكرية التي يجوز لمجلس الأمن اتخاذها، حيث يتلخص منهما أن استخدام التدابير الاقتصادية هو أحدى صور استخدام القوة .
3 ـ نصت مواثيق بعض المنظمات الدولية الإقليمية على حظر لجوء الدول الأعضاء منها إلى وسائل الضغط الاقتصادي أو السياسي في علاقاتها المتبادلة، ومن أمثلة ذلك منظمة الدول الأمريكية في المادة (18، 19) من ميثاق منظمة الدول الأمريكية.
4 ـ ويستندون أيضًا إلى الوثائق الدولية الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تشجب التدخل وممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية في العلاقات الدولية باعتبارها مفسرة لكثير من نصوص الميثاق ( )، وعلى سبيل المثال نشير إلى .
أ ـ القرار رقم (2131) في 31/12/1965م والمعروف باسم إعلان عدم جواز التدخل في الشئون الداخلية للدولة وحماية استقلالها وسيادتها (م/2) من هذا القرار.
ب ـ القرار رقم (2625) لسنة 1970م الخاص بإعـلان مبادىء القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول وفقًا لميثاق الأمم المتحدة.
ج ـ تقرير اللجنة الخاصة المعينة بزيادة فعالية مبدأ عدم استعمال القوة في العلاقات الدولية، فقد ورد في ورقة العمل المقدمة للجنة من دول عدم الانحياز أن استعمال القوة أو التهديد بها لا يشمل القوة العسكرية فحسب، بل أيضًا جميع استعمالات القسر الاقتصادي والقسر السياسي، هذا وقد أنشئت هذه اللجنة بقرار الجمعية العامة رقم 150 في 1/12/1977م .
5 ـ أن المادة (2/4) من الميثاق استعملت لفظ القوة Force بدلا من لفظ " العنف " Violence عائد إلى أن واضعي الميثاق قد أرادوا وأن يشملوا بالحظر القوة المسلحة ووسائل القهر الأخرى
إضافة إلى ما سبق، فأن هذا التفسير يتفق مع آراء قضاة محكمة العدل الدولي في رأيهم الاستشاري بشأن نفقات الأمم المتحدة عام 1962م ( ) ونحن نؤيد الاتجاه.
الاتجـاه الثاني: التفسـير الضيـق:
يرى أنصار هذا الاتجاه أن المقصود بالقوة ينصرف إلى القوة المسلحة ولا يتجاوزها لكي يشمل الضغوط السياسة والاقتصادية . (4)
ويستند أنصار هذا الاتجاه إلى:
1 ـ أن تفسير المادة (2/4) يجب أن يكون على ضوء ديباجة الميثاق والنصوص الأخرى وقد نصت الديباجة على "منع استخدام القوة المسلحة إلا للأغراض المشتركة" كما نصت المادة (44) على أنه (إذا أقرر مجلس الأمن استخدام القوة فإنه قبل أن يطلب من عضو غير ممثل فيه تقديم القوات المسلحة) فمضمون هذه المادة يفيد أن لفظ القوة الوارد في الميثاق إنما يقصد به القوة المسلحة، ولا ينصرف إطلاقا إلى ما يسمى بالعدوان الاقتصادي أو العدوان الأيديولوجي، وإن كانت هذه التدابير تمثل تهديدًا للسلم الدولي تقع تحت طائلة المادة (39) من الميثاق.
2 ـ أن الأعمال التحضيرية للمادة (2/4) من الميثاق تؤكد أن مراد واضعي الميثاق من لفظ القوة هو القوة المسلحة.
3 ـ كان من بين الاقتراحات التي عرضت بخصوص صياغة هذه المادة، الاقتراح الذي تقدمت به البرازيل في مؤتمر سان فرانسيسكو ويهدف إلى اعتبار إجراءات الضغط الاقتصادي من قبيل الاستخدام غير المشروع للقوة ورفض هذا الاقتراح.
إن أصحاب هذا الاتجاه ردوا على حجج أنصار الراى الأول التفسير الواسع. ففي معرض الرد على السند الأول قالوا:
• أنه إذا كانت كل من القوة المسلحة والضغوط الاقتصادية من الممكن أن تمس السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي، إلا أننا نسلم مع الجميع بأن المادة (2/4) من الميثاق لا تعالج كل صور استخدام القوة، لأنها تعالج في نصوص أخرى عديدة من الميثاق مثل نصوص الفصل السابع كلها ونص المادة (51) التي عالجت حالة الدفاع الشرعي( ).
والـرد علـى السـند الثاني:
• أن المقابلة بين نص (م/2/4) ونصوص الفصل السابع من الميثاق تبدو غير لازمة في هذا المقام ولا قيمة لها، لأن المادة (2/4) تبين الالتزام المفروض على الدول الأعضاء بعدم اللجوء لاستخدام القوة، أما نصوص الفصل السابع تبين سلطات واختصاصات مجلس الأمن في حفظ السلم والأمن الدوليين، وما يجب عمله عند تعرض السلم والأمن الدولي للخطر( ).
رأى الباحـث: ونحن نذهب لتأييد الاتجاه الأول " التفسير الواسع " لما يأتي:
1 ـ مصطلح "القوة" الوارد في نص (م/2/4) جاء عامًا ولم يخصص ولو كان المقصود به القوة المسلحة لوردت كلمة " المسلحة " ولكن ذلك لم يحدث، مما يعد دليلاً على استيعاب كلمة "القوة" لكافة أنواع القوة، كما أن هناك بعض الضغوط الاقتصادية والسياسية تكون أشد خطورة من القوة المسلحة، وإذا وجهنا نظرنا نحو العراق أيدنا هذا المنطق.
2 ـ عادة ما تستخدم الضغوط السياسية والاقتصادية مصاحبة لاستخدام القوة المسلحة، فضلاً عن أن العديد من الوثائق الدولية التي سبق ذكرها تؤيد صحة ما نراه.
خامسا: نطاق تطبيق الحظر الوارد في نص م2/4 من الميثاق:
إن الحظر الوارد في نص (م2/4) من الميثاق، جاء عامًا وغير مفصل، الأمر الذي يدعونا إلى التساؤل عما إذا كان هذا الحظر لاستخدام القوة أو التهديد بها قاصرًا على علاقة الدول ببعضها البعض أم هذا الحظر يشمل استخدام القوة في العلاقات الداخلية كقيام ثورة داخل الدولة.
وقد أنقسم الفقه في ذلك إلى رأيين:
الأول: يرى أن حظر استخدام القوة الوارد في نص (م2/4) من الميثاق يسرى على الحروب والمنازعات الداخلية، كما يسرى على استخدام القوة في العلاقات الدولية، وقد استند أنصار هذا الرأي على ما يلي:
أ ـ نصت (م2/4) من الميثاق على منع الدول في علاقاتها الدولية عمـومًا، أي سواء كانت خاصة بالمسائل الداخلية أو بالمسائل الخارجية من التهديد باستخدام القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي والاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة.
ب ـلمجلس الأمن أن يتخذ تدابير القسر طبقًا للفصل السابع من الميثاق حتى بالنسبة للأمور التي تعد من صميم السلطان الداخلي للدول الأعضاء (م/39) من الميثاق( ) فإذا علمنا أن الفصل السابع يعمل على حفظ السلم والأمن الدولي، وأن الالتجاء إلى القوة في بعض الأمور الوطنية قد يهدد الأمن والسلم الدولي، الأمر الذي توقعه الميثاق ومن أجله أورد هذا الاستثناء فالذي يؤدى إلى ذلك منع الدول من الالتجاء إلى القوة في هذه الأمور حتى لا يتهدد السلم والأمن الدوليين، أي يعتبر عملها عدوانيًا، فيضطر المجلس إلى التصرف طبقا للمادة (39) من الميثاق
وقد أيد بعض الفقهاء هذا الرأي، ولكن بشرط أن تهدد الاضطرابات الداخلية السلم والأمن الدوليين أو تتم بطريقة تخالف مقاصد الأمم المتحدة.
الرأي الثاني: يرى أصحاب هذا الرأي أن نص (م/2/4) يقتصر مجاله على العلاقات الدولية، أي بين دولة وأخرى، وبالتالي فإن المنازعات الداخلية تخرج عن نطاق الحظر الوارد في نص المادة السالفة( )، يستوي أن تكون الدولة صغيرة أو كبيرة كاملة السيادة أو ناقصة السيادة.
قد استند أنصار هذا الرأي إلى:
إن هذا التفسير يتفق مع نص المادة (2/7) من الميثاق التي نصت على أن: (ليس في هذا الميثاق ما يسوغ للأمم المتحدة أن تتدخل في الشئون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما وليس فيه ما يقتضى الأعضاء أن يعرضوا مثل هذه المسائل لأن تحل بحكم هذا الميثاق على أن هذا المبدأ لا يخل بتطبيق تدابير القمع الوارد في الفصل السابع)( ).
رأينـا الخـاص:
ونحن نرى أن النزاعات الداخلية إذا هددت السلم والأمن الدوليين، وتم استخدام القوة في هذه النزاعات بطريقة لا تتفق مع مقاصد الأمم المتحدة، فإن الحظر الوارد في نص (م2/4) يمتد إلى هذه النزاعات والاضطرابات الداخلية.
رابعًا: الطبيعـة القانونيـة للمـادة (2/4) من الميثـاق:
يستند تحريم استخدام القوة في عصر التنظيم الدولي إلى نص المادة (2/4) من الميثاق، ويستمد قيمته القانونية من قيمة ميثاق الأمم المتحدة ذاته، وميثاق الأمم المتحدة يعلـو على أي التزام أو معاهدة دولية عقدت أو ستعقد بين الدول أعضـاء الأمم المتحـدة وغيرها، وذلك طبقـًا للمادة (103) من الميثاق التي نصت على أنه: (إذا تعارضت الالتزامات التي ترتبط بها أعضاء الأمم المتحدة، وفقًا لأحكام هذا الميثاق مع أي التزام دولي آخر يرتبطون به فالعـبرة بالتزاماتهم المترتبة على هذا الميثاق).
لذلك أصبح الحظر الوارد بالمادة (2/4) من الميثاق قاعدة قانونية دولية ملزمة للدول الأعضاء وغير الأعضاء في الأمم المتحدة، استثناءً من مبدأ نسبية أثر المعاهدات، لتعلقه بالحفاظ على السلم والأمن الدوليين، الذي يعتبر مقصد وهدف لكل دول العالم، أي للجماعة الدولية بأسرها.
بل أصبح الأمر أكثر من ذلك، فأصبحت هذه القاعدة الواردة في (م2/4) من القواعد الآمرة في القانون الدولي العام، أي من النظام العام الدولي، مما يترتب عليه عدم جواز مخالفتها حتى ولو بالاتفاق، فأي اتفاق يبرم يخالف تلك القاعدة يعتبر باطلاً بطلانًا مطلقًا، ولا ينتج أثره القانوني بين أطرافه، فلا يجوز الادعاء بحاله الضرورة، أو المصالح الحيوية، أو أي اعتبارات أخرى سياسية كانت أو اقتصادية أو عسكرية وقد أكد ذلك قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (3314) الخاص بتعريف العدوان في مادته الخامسة، ومضمون الالتزام الوارد ينص المادة (2/4) الامتناع عن استعمال القوة أو التهديد باستعمالها، ينصرف إلى القوة المسلحة وشتى أنواع القوة مثل الضغوط السياسية والاقتصادية، شريطة أن تمس سيادة الدول واستقلالها، كما ينصرف إلى العلاقات بين الدول ولا يمتد حكمة إلا في حالة النزاعات الداخلية التي تهديد السلم والأمن الدوليين أو يتم استخدام القوة في هذه النزعات بطريقة تخالف أهداف ومبادئ الأمم المتحدة.
سادسا: الاستثناءات الواردة على مبدأ حظر استخدام القوة
اختلف الفقه الدولي حول الاستثناءات الواردات على مبدأ حظر استخدام القوة في القانون الدولي العام، فمن قائل بأن الاستثناءات واردة في ميثاق الأمم المتحدة بخلاف عهد العصبة، وميثاق باريس ومن قائل بأن هناك استثناء لم يرد في ميثاق الأمم المتحدة ولكنه يظهر بالمخالفة للخطر الوارد في م/2/4 من الميثاق، ومن قائل بأن هناك استثناء أظهرته التطورات الحديثة في العلاقات الدولية.
ولحسن الدراسة والعرض، نتعرض بالدراسة هناك للاستثناءات التي اختلف الفقه حولها، سواء الواردة في ميثاق الأمم المتحدة، أو التي قال بها الفقه الدولي، وهذه الاستثناءات يمكن تقسيمها إلى:
أ ـ استثناءات واردة في ميثاق الأمم المتحدة.
ب ـ استثناءات قال بها الفقهاء الدوليين.
أ ـ استثناءات واردة في ميثاق الأمم المتحدة:
هناك خمس حالات لاستخدام القوة المسلحة طبقا لميثاق الأمم المتحدة أربعة منها تم النص عليها صراحة، والخامسة لم يوضح في شأنها كيفية استخدام القوة المسلحة، لكنها تم النص والتأكيد عليها بعد صدور الميثاق، بموجب مجموعة من قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهى حق الشعوب في تقرير مصيرها( ).
أولاً: تدابير الأمن الجماعي الدولي:
تنص المادة (42) من الميثاق أنه: (إذا رأى مجلس الأمن أن التدابير المنصوص عليها في المادة (41) لا تفي بالغرض أو ثبت أنها لم تف به، جاز له أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدوليين أو لإعادته إلى نصابه، ويجوز أن تتناول هذه الأعمال المظاهرات والحصر والعمليات الأخرى بطريق القوات الجوية أو البحرية أو البرية التابعة لأعضاء الأمم المتحدة).
ورد في هذه المادة حالة تدابير الأمن الجماعي الدولي، وهى التدابير التي يتم اتخاذها من قبل مجلس الأمن طبقًا لأحكام الفصل السابع من الميثاق، والتدابير التي تتخذها الجمعية العامة بناءً على قرار الاتحاد من أجل السلم. وقد سبق دراسة الأمن الجماعي الدولي.
ثانيًا: التدابير التي تتخذ ضد الدول الأعداء، بمقتضى المادة (53/1) أو المادة (107)
وقد فقد هذا الاستثناء علة وجوده، وذلك بعد أن طرأت تغييرات جوهرية على الظروف الدولية التي كانت سائدة وقت الحرب العالمية الثانية، وأصبحت الدول الأعداء في هذه المادة والتي استهدفت بهذا النص وهى ألمانيا وإيطاليا واليابان أعضاء في الأمم المتحدة.
ثالثًا: الأعمال المشتركة التي قد تلزم لحفظ السلم والأمن الدوليين التي تتخذها الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن بمقتضى المادة (106) من الميثاق:
وتشير هذه المادة إلى قيام الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن بالنيابة عن الأمم المتحدة، بالأعمال المشتركة اللازمة لحفظ السلم والأمن الدوليين، في حالة عدم وجود قوات مسلحة تحت سيطرة وإدارة الأمم المتحدة، طبقًا لنص المادة (43) من الميثاق، وتلك هي الحالة القائمة عليها الآن تلك المنظمة منذ إنشائها، ولذلك فمـن المتصور هنا استخدام القوة المسلحة إذا كان ذلك لازمًا لحفظ السلم والأمن الدوليين طبقا للمادة (106).
رابعًا: حالة الكفاح المسلح لتقرير المصير:
أباح ميثاق الأمم المتحدة استعمال القوة للدفاع عن حق تقرير المصير، وقد عبر الميثاق عن حق تقرير المصير في مواضع عدة، وقد سبق دراسة هذه الحالة في الفصل الثاني.
خامسًا: الدفاع الشرعي طبقا للمادة (51) من الميثاق:
يعد نص المادة (51) من الميثاق أهم وأخطر استثناء ورد في الميثاق خاصة وفى القانون الدولي عامة، وقد أثارت هذه المادة (51) وما نصت عليه من قاعدة الدفاع الشرعي الكثير والكثير من الجدل الفقهي والقضائي الدوليين أكثر ـ في نظر بعض الفقهاء ـ من نص المادة الثانية الفقرة الرابعة، والمادة (51) تمثل المبدأ الأساسي لاستخدام القوة المسلحة في القانون الدولي المعاصر أي الاستثناء الصريح من نص الفقرة الرابعة المادة الثانية، لذلك فإننا نجد ارتباط لدرجة التلازم بين الدفاع الشرعي في القانون الدولي ومبدأ خطر استخدام القوة في العلاقات الدولية، فمنذ اللحظة التي أخذ فيها بهذا المبدأ في معاهدة دولية أثيرت التساؤلات حول ما إذا كان لدولة الحق في أن تدافع عن نفسها باستخدام القوة إذا ما تعرضت لعدوان من دولة أخرى، وهذا ما اعترف به في ظل عهد عصبة الأمم وفى ميثاق بريان ـ كيلوج رغم عدم وجود نص خاص بذلك.
ب ـ الاستثناءات التي قال بها بعض الفقهاء الدوليين:
بالإضافة إلى حالات استخدام القوة المسلحة المنصوص عليها من ميثاق الأمم المتحدة، ذهب بعض الفقهاء إلى القول بوجود حالات أخرى مشروعة دوليًا لأنها لا تتعارض والأحكام العامة لميثاق الأمم المتحدة أو القانون الدولي العام، وتتمثل في ثلاث حالات هي:
1 ـ التدخل.
2 ـ الحق في استخدام القوة لفرض احترام القانون في حالات فشل أجهزة الأمم المتحدة في القيام بوابها، أو الحق في مساعدة الذات.
3 ـ الحق في الحماية المسلحة للحقوق التي تتعرض إنكارًا عنوة "إنكار الحقوق الدولية".
1- التدخــل: التدخل بصفة عامة يعنى، قيام دولة بفرض إرادتها على دولة أخرى من أجل الإبقاء على النظام السائد فيها أو تغيره، فالتدخل هو عمل إرادي من جانب دولة تتعرض به للشئون الداخلية أو الخارجية لدولة أخرى، ويتخذ التدخل صور شتى؛ فقد يكون داخليا أو خارجيا، وثقافيًا أو اقتصاديًا فرديًا أو جماعيًا، سياسيًا أو عسكريًا أو أيديولوجيًا، والتدخل بذلك لا يعد عملا غير مشروع فحسب في القانون الدولي المعاصر، بل يعد أحدى الجرائم الدولية طبقًا لمشروع مدونة الجرائم المخلة بسلم الإنسانية وأمنها، بحيث أصبح الالتزام الدولي بعدم التدخل من قواعد العرف الدولي المستقرة في ضمير الشعوب، فبلغ الالتزام بالقاعدة العامة العرفية التي تحرم استخدام القوة أو التهديد باستخدامها في العلاقات الدولية على النحو الوارد في نص المادة (2/4) من الأمم المتحدة مما جعل مبدأ عدم التدخل أحد المبادىء العامة في القانون الدولي المعاصر، وقد ورد في ميثاق الأمم المتحدة بنص المادة (2/7) منه عندما ذكر أنه: (ليس في هذا الميثاق ما يسوغ "للأمم المتحدة" أن تتدخل في الشئون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما) وإذا كان التدخل في الشئون الداخلية للدول الأعضاء أمرًا محظورًا على المنظمة العالمية فمن باب أولى محظور في علاقات الدول بعضها البعض( ).
والتدخل محظور بمقتضى القواعد الدولية سواء كان واقعًا على الشئون الداخلية أو الخارجية للدول الأخرى، وقد تضمن إعلان مبادىء القانون الدولي الخاص بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول وفقًا لميثاق الأمم المتحدة، والذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1970م الإشارة إلى عدة مبادىء تتعلق بعدم التدخل، وقد أشار الإعلان بصفة خاصة إلى بعض الحقوق الأساسية للدول والتي لا يمكن التنازل عنها ومنها حقهم في اختيار نظامها السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي( ).
وقد تصدى الفقه الدولي لدراسة مبدأ عدم التدخل المشروع وغير المشروع دوليًا، ولذلك فإن الفقه اتجه إلى تقييد تطبيق هذا المبدأ بمجموعة شروط يمكن تلخيصها فيما يلي( ):
أ - يجب أن يكون الرضا بالتدخل صادرًا عن هيئة تمثل حقيقة إرادة الدولة المعنية أي الحكومة الشرعية التي تمثل الدولة بصورة واقعية عن ذلك الرضا.
ب- يجب أن يكون الرضا بالتدخل صحيحًا خاليًا من عيوب الرضاء مثل الغلط أو التدليس أو الإكراه، كذلك يجب أن يكون قد تم وفقا للأوضاع الدستورية للدولة التي ارتضت بالتدخل "مثال ذلك أن تصريح برلمانها بذلك".
ج- يجب أن تراعى الدولة المتدخلة حقوق كافة الدول وليس فقط الدولة طالبة التدخل فلا يبرر رضاء دولة ما بتدخل دولة أخرى في أراضيها وأن تقوم هذه الأخيرة بالتدخل لدى دول أخرى ارتبطت مع الدولة طالبة التدخل بمثياق دفاعي "تكتل عسكري" فالرضاء هنا استثناء على مبدأ عام يحظر استعمال القوة في العلاقات الدولية (م2/4) من الميثاق يقدر بقدره ولا يتوسع في تفسيره.
د- يجب ألا يتعارض أو يخالف التدخل والرضا به، قاعدة أمرة من قواعد القانون الدولي، كأن ترتكب أثناء التدخل أعمال عدوانية، فالعدوان محـرم في جميع صورة وأيضًا لا يعتبر الرضا قانونًا ومنتجًا لآثاره القانونية إذا كان من شأنه الحفاظ وإعادة نظام استعماري.
هـ- ينبغي أن يكون الرضاء سابقًا على التدخل باستعمال القوة، فإن كان لا حقـًا عليه فإنه لا ينفى عنه "أي التدخل" عدم المشروعية، ولكنه يعد تنازلاً من الدول المعنية عن المطالبة بترتيب الآثار الناجمة عن التدخل غير المشروع فى إقليمها بالمخالفة لمبدأ خطر استخدام القوة في العلاقات الدولية.
إلا أن الفقه الدولي لم يتفق على الحالات الاستثنائية للتدخل المشروع دوليا، ولكن يمكن القول بأن أهم هذه الحالات هي( ):
1- التدخل الجماعي طبقًا لميثاق الأمم المتحدة (المواد 2/7، 39، 51).
2- التدخل الاتفاقى بناءً على موافقة صريحة صادرة من الدولة المتدخل في شئونها.
3- التدخل في شئون الدول المشمولة بالحماية بالنسبة للدولة الحامية.
4- الدفاع عن الذات أو الدفاع الشرعي لمواجهة خطر هجوم مسلح سواء أكان التدخل فرديًا أو جماعيًا وفقًا للأحكام الواردة في نص المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة.
5- التدخل في حالة ما إذا كانت الدولة المتدخل في شئونها قد ارتكبت مخالفة خطيرة لأحكام القانون الدولي العام في حق الدولة المتدخلة كأن تكون هي نفسها قد بدأت بالتدخل في شئون الدولة الأخيرة دون سند من القانون الدولي.
6- التدخل الإنساني لحماية حقوق ومصالح رعايا الدولة في الخارج أو من أجل التصدي للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
ويهمنا هنا الحالة الأخيرة التدخل الإنساني لأن هناك عددًا كبيرًا من الفقه الدولي يقول بمشروعية هذا التدخل حتى لو بلغ الأمر حد استخدام القوة المسلحة من قبل دولة ضد دولة أخرى كما حدث في البوسنة والهرسك وكوسوفا( )، وقد ذهب جانب من الفقه الدولي المعاصر إلى تأييدهم فيما ذهبوا إليه وقد قالوا بتعريف، للتدخل الإنساني بأنه (ذلك العمل المسلح الذي تلجأ إليه الدولة ضد دولة أخرى من أجل العمل على إيقاف انتهاكات القوانين الإنسانية ضد رعايا الدولة الأولى للاعتبارات الإنسانية). وقد أستند أنصار التدخل الإنساني على الأسانيد الآتية:
أ - نص المادة (2/4) من ميثاق الأمم المتحدة.
ب- المحافظة على السلام العالمي.
ج- القواعد العامة للمسئولية الدولية.
د - الاعتبارات الإنسانية للتدخل المسلح.
فيرى هؤلاء الفقهاء أن مقاصد الأمم المتحدة تتضمن الاعتبارات الإنسانية، علاوة على ذلك فإن هناك علاقة وثيقة بين احترام حقوق الإنسان والمحافظة على السلام العالمي، لأنه يضع حد النهاية مرحلة تاريخية كانت تمارس فيها الدول سياسة القهر والظلم ضد الشعوب. بالإضافة إلى ما تقدم فإن التدخل للاعتبارات الإنسانية يشكل أحد أسباب انتقاء المسئولية الدولية على أساس أن هناك حالة ضرورة تسمح للدولة بمخالفة التزاماتها الدولية، وأخيرًا فإن هناك سلوك متواتر منذ الحرب العالمية الثانية يشير إلى توافر القاعدة العرفية في شأن التدخل المسلح للاعتبارات الإنسانية، ونحن لا يسعنا إلا تأييد هذا الاتجاه إذا اجتنب المثالب والأغراض الغير المشروعة التي ترتدي ثوب التدخل الإنساني والإنسانية منه براء.
ولكن اشترط الفقه الدولي عدة شروط في التدخل الإنساني أهمها:
1- أن يكون التدخل لمصلحة الإنسانية، بمعنى ألا يكون له أية أهداف أخرى سوى العمل على إيقاف المعاملة المخالفة للقوانين الإنسانية.
2- أن يكون التدخل ضروريًا، ومن علامات ذلك أن يرحب ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان بالغزو الأجنبي أو التدخل العسكري ضد الحكومة الديكتاتورية.
3- أن يكون هناك تناسبًا بين العمليات العسكرية والهدف الإنساني الذي تم التدخل من أجله.
2 ـ الحق في استخدام القوة المسلحة لفرض احترام القانون:
كان هذا الحق مشروعًا في القانون الدولي التقليدي أي قبل عصر التنظيم الدولي، حيث كانت الدول تلجأ إلى استخدام القوة لفرض احترام القانون، حيث لم تكن هناك أجهزة متخصصة في النظام الدولي تمارس مثل هذه المهمة، لذلك كانت الدول تمارس هذه الوظيفة عن طريق الحرب، أي باستخدام القوة التي كان وسيلة مشروعة من وسائل فض المنازعات، فقد كانت قوات الحلفاء تعتبر قيامها بالحرب ضد ألمانيا في الحرب العالمية الأولى لفرض احترام القانون الدولي.
ولكن في عصر القانون الدولي المعاصر "عصر التنظيم الدولي" أخذت فكرة هذا الحق في الاختفاء تدريجيًا، حتى أصبحت تتعارض – من حيث المبدأ – مع مفهوم القانون ذاته وتأكد ذلك في نص المادة (2/4) من ميثاق الأمم المتحدة الذي نص – لأول مرة – على قاعدة حظر استخدام القوة أو التهديد بها في العلاقات الدولية من جانب الدول بصورة مجتمعة أو منفردة بما لا يتفق والأحكام العامة في الميثاق.
ولكن ومع ذلك فقد ظل جانب من الفقه يتمسك بهذا المبدأ، خاصة فى الحالات التى تفشل فيها الأجهزة الدولية، عن القيام بوظيفتها، بحفظ السلم والأمن الدوليين ورد الحقوق إلى أصحابها( ).
ولكننا نرى أنه في حالة فشل الأجهزة الدولية عن القيام بوظيفتها، تكون الدولة المعتدى عليها أمام حالة دفاع شرعي يبح لها استخدام القوة للحفاظ على حقوقها ولكن يجب بداية سلوك الطرق السلمية لفض المنازعات الدولية.
3 ـ الحق في الحماية المسلحة للحقوق التي تتعرض للإنكار عنوة:
يتلخص مضمون حق الدولة في حماية وتأكيد حقوقها التي يتم إنكارها بصورة مخالفة للقانون في ثلاث حالات رئيسية هي( ):
أ - حق الدولة في اتخاذ تدابير الحماية المسلحة لتأمين إقليمها ضد الأعمال المشروعة المخالفة لحقوق الدولة في سلامة إقليمها والرد على حالات التدخل غير المباشر غير المشروع سواء أكان ذلك في شكل مادي أو أي مساعدات أخرى للقيام بعمليات إرهابية على إقليم الدولة لا ترقى إلى درجة الهجوم المسلح.
ب- حق الدولة الساحلية، دولة العلم في حماية وتأكيد حقوقها في المناطق البحرية التي تعد جزاءً من إقليم دولة أو أكثر من دولة (والتي يطبق فيها نظام خاص للملاحة البحرية كما في حالة البحر الإقليمي والمضايق الدولية).
ج- تأمين وتأكيد حقوق جميع الدول وحرياتها في المناطق التي لا تخضع للسيادة الإقليمية لأية دولة (وعلى وجه الخصوص في سطح أعالي البحر وأسفلها، والمنطقة الاقتصادية الخالصة).
هذا وقد وصفه الفقيه "والدوك" بأنه نوع خاص من الحقوق، وأنه يتم ممارسته في حالات محددة وتستند مشروعيته إلى النصوص الاتفاقية الدولية وقواعد العرف الدولي، وأن من أهم خصائص هذا الحق ما يلي:
1- إن استخدام القوة المسلحة، في هذا الحق، هو استخدام محدود لا يرقى إلى درجة استخدام القوة المسلحة في حالة الدفاع عن النفس.
2- يخضع استخدام القوة المسلحة، في هذا الحق، لشرطي الضرورة، والتناسب.
3- يستند استخدام هذا الحق إلى نص اتفاقي أو عرف دولي.
لا يعد هذا الحق نوعًا من المساعدة الذاتية Sell-help أو الانتقام Reprisal لأنه لا يستهدف توقيع العقاب، كما أنه يتم طبقًا للقانون الدولي المعاصر.
هذا الحق محل خلاف كبير بين الفقهاء في القانون الدولي، ويبدو أن هذا الخلاف الفقهي قد انتقل إلى لجنة القانون الدولي بالأمم المتحدة، وهى بصدد مناقشة حالة الضرورة كأحد الأسباب النافية للمشروعية الدولية، وقد ثار خلاف حول مشروعية لجوء الدولة إلى استخدام القوة المسلحة في غير حالات الدفاع الشرعي، أو الحالات التي لا ترقى إلى درجة الهجـوم المسلح ومن أمثلة:
1- قيام الدولة ببعض الغارات الجوية على إقليم دولة أخرى لمنع قيام جماعة مسلحة تقوم بالإعداد لهجوم مسلح من أعلى إقليم تلك الدولة ضد الدولة الأولى.
2- مطاردة الجماعات المسلحة أو الخارجة على القانون بالتسلل عبر حدود دولة أخرى وقاموا باستخدام إقليمها كقاعدة لانطلاقهم.
3- حماية مواطني الدولة من الاعتداءات الصادرة من القوات أو جماعات لا تعمل تحت إشراف أية دولة.
4- استخدم القوة المسلحة للحد من مصادر الخطر التي تصل إلى مناطق الحدود الطبيعية القانونية لحق الدولة في حماية وتأكيد حقوقها التي يتم إنكارها مخالفة للقانون:
يرى أنصار هذا الحق، أنه يختلف عن الدفاع الشرعي، لأنه يستخدم في الحالات التي لا ترقى إلى درجة الهجوم المسلح المستوجب للدفاع الشرعي. كما أنه يختلف عن الحماية الذاتية المسلحة أو التدابير الثأرية المسلحة بأنه لا يخالف نص المادة (2/4) من الميثاق، ويتميز هذا الحق عن الانتقام المسلح بأن الأخير يتضمن معنى العقاب علاوة على أنه مخالف لنص المادة (2/4) من الميثاق ويختلف أيضًا عن التدابير المضادة التي تعتبر رد فعل مشروع عن فعل غير مشروع، أما هذا الحق والذي يتضمن قدرًا من استخدام القوة المسلحة من أجل تأكيد حقوقها وحمايتها فهو تصرف مشروع من حيث المبدأ( ).

اسباب توسع ظاهرة الارهاب

شنكاو هشام باحت في العلاقات الدولية والقانون الدولي


إن الارهاب بغض النظر عن المقاصد التي تكمن وراءه يتوسع ويزداد عنفا ويتوزع بين مختلف دول العالم ويسفر عن خسائر بالأرواح والممتلكات دون الاهداف التي يرومونها ولا ريب ان في الارهاب على اختلاف اهدافه ووسائله نتيجة لاسباب مختلفة سياسية واقتصادية واجتماعية ونفسية وغيرها.
ومن المتفق عليه ان دراسة هذه الاسباب مهمة صعبة لأنها تستلزم الغور في معظم المشكلات المعقدة التي تواجه الافراد والمجتمع الدولي على حد سواء، والتي تكمن فيها اسباب الارهاب وقد تذرع البعض بهذه الصعوبة ورأى ان من الاصوب التركيز اولا على اتخاذ تدابير عملية عاجلة لمكافحة الارهاب دون الانغمار في محاولة تحديد اسبابه المتعددة والمعقدة . ولكن هناك من رأى ان تحديد اسباب الارهاب وإزالتها يجب ان يسبقا العمل على اتخاذ أية تدابير لمنع الارهاب. وأكد اصحاب هذا الرأي استحالة القضاء على الارهاب ما لم يكن ذلك جزءا من عملية مرسومة لاستئصال جذور الظاهرة الارهابية. وحذروا من ان الاقدام على اجراءات متسرعة لن يؤدي إلا الى تفاقم هذه الظاهرة .
ونحن نرى ان تشخيص اسباب الارهاب ولاسيما بعد توسعه في الفترة الاخيرة، لابد منه قبل الاقدام على أية إجراءات فعالة لاستئصاله في المدى البعيد. ولكم هذا لايعني بان العمل على اتخاذ تدابير لمنع الارهاب يجب ان ينتظر بالضرورة تحديد اسباب الارهاب وازالتها وذلك ان مقاومة حالة
من حالات الارهاب يمكن ان تتزامن والمساعي المبذولة لاستئصال جذورها. ونرى كذلك ان الاصرار على اولوية ما في معالجة مشكلة الارهاب قد يؤدي الى تجزيئية لاتفيد هذه المعالجة في شيء وبصورة عامة يمكننا القول بان تشخيص اسباب الارهاب يساعد على ايضاح مفهوم الارهاب الدولي ذاته وإثارة مزيد من الاهتمام بمكافحته.
ولاينكر ان ثمة اختلافات في تحليل ظاهرة الارهاب أي في تحديد اسبابها. وربما كان مرد هذه الاختلافات تباين التفسيرات للمشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تنشأ عنها هذه الظاهرة والتي تواجه الافراد والمجتمع الدولي، وتباين المواقف منها او حلولها. ورغم ذلك اظهرت المناقشات ان هناك اتفاقا واسعا على عدد من اسباب الارهاب الراهن. ولربما كان تعليل سعة هذا الاتفاق هو ان المجتمع الدولي كله واعدادا متزايدة من الاشخاص من مختلف الاقطار عرضة لافعال ارهابية مشتركة في غاياتها ووسائلها وان هناك تماثلا في الاثار والتي تتركها هذه الافعال في المناطق التي تقع فيها.
شخصت الاسباب السياسية للارهاب بالاستعمار والحفاظ على السيطرة الاستعمارية وانكار حق تقدير المصير والعنصرية والتمييز العنصري وسياسة الفصل العنصري وحرب الابادة. كما شخصت هذه الاسباب بالعدوان واستخدام القوة بما يتنافى وميثاق الأمم المتحدة وينتهك استقلال الدول السياسي وسيادتها الوطنية ووحدتها الاقليمية، وباحتلال اراض اجنبية والسيطرة على هذه الاراضي وشعوبها. ومن الاسباب السياسية الاخرى التدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى والارهاب الواسع النطاق للشعوب بهدف فرض السيطرة عليها وحمل السكان على النزوح من ديارهم وسياسة التوسع والهيمنة . ولابد لنا ان نضيف هنا سببا مهما
اخر إلى الأسباب السياسية للإرهاب، فقد دلت الوقائع على ان النزاعات القائمة بين دولتين كثيرا ما تؤدي الى تبادل الارهاب بينهما بشكل سري أو مكشوف. وهذه الحقيقة تدفع الى الاستنتاج بان الدول ربما تستخدم الإرهابيين وأساليبهم كوسيلة لحرب مصغرة او بديلة ضد دول اخرى، حيث أصبحت الحرب التقليدية باهضة التكاليف وغير مضمونة النتائج, واضاف البعض الى الأسباب السياسية الاضطهاد الديني وإثارة الفتن الطائفية وإشعال الحروب الاهلية والاستبداد وكبت الحريات ومن الاسباب السياسية الأخرى للارهاب تشجيع او تنظيم قوات غير نظامية مسلحة او مرتزقة للاغارة على إقليم دولة ما أو ارتكاب أفعال تخريبية فيها.وان استخدام المرتزقة اصبح أداة جديدة للارهاب بعد ان كان تقليديا للمشاركة في حرب اجنبية فحسب.
وكان الارهاب الذي مارسته المؤسسة الصهيونية المجسدة في اسرائيل، ضد العرب نموذجا فاق في شدته كل ما سبقه من نماذج فبعض حروب العدوان التي شنتها عليهم عبر ثلاثين عاما، شنت عمليات ارهابية ضد المقاومة والمخيمات الفلسطينية والمدن والقرى اللبنانية حيث استخدمت فيها احدث اسلحة الدمار والفتك وتسببت في قتل الاف الأشخاص او تشويههم وكانت الغارة الاسرائيلية على المؤسسات النووية العراقية نموذجا جديدا في ارهاب شعوب الدول النامية بغية حرمانها من ممارسة حقها في تنمية مواردها وتنويع مصادر طاقاتها. وقد سبقت هذه الغارة حملات اغتيال ارهابية ذهب ضحيتها عدد من العلماء العرب في اوربا.
ومن الطبيعي ان تسهم العوامل الاقتصادية والاجتماعية بدور كبير في قيام الارهاب، حددت هذه العوامل بستة مظاهر هي: استمرار وجود نظام
اقتصادي دولي جائر، والاستغلال الأجنبي للموارد الطبيعية والوطنية وتدمير ما لدى بعض البلدان من سكان واحياء ووسائط نقل وهياكل اقتصادية، والظلم والاستغلال السياسي والاجتماعي والاقتصادي وانتهاك حقوق الانسان والفقر والجوع والشقاء وخيبة الأمل .
واضافة الى هذه العوامل تلعب العوامل الشخصية والنفسية دورا معينا في الارهاب. فالهروب من تنفيذ حكم معين او التزامات معينة وحب الظهور او الشهرة او الدعاية او الاستخفاف بالانظمة والعقوبات الدولية والجنون والاختلال العقلي والحصول على مساعدات مادية لصالح افراد او مجموعات تعيش في ضنك او في ظروف معيشية صعبة وفي الوقت الذي لايمكن فيه تجاهل عامل التكوين الفردي، النفسي او العقلي في ممارسة الارهاب، إلا أن المبالغة فيه او محاولة مساواته بالعوامل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية قد تؤديان الى عزل بعض الممارسات الارهابية عن أسبابها الفعلية او النظر اليها وكأنها أسباب قائمة بذاتها ويستحيل علاجها .
وينسب ايضا توسع ظاهرة الارهاب الى التطور العلمي والتكنولوجي الحديث. ويمكن القول ان هذا التطور كان عاملا مساعدا في اتساع هذه الظاهرة، حيث وضع بين ايدي مرتكبي الأفعال الارهابية وسائل عصرية اكثر فاعلية في تحقيق الاهداف المتوخاة منها. فقد وفرت الطائرات مثلا للارهابيين القدرة على القيام بعملياتهم من بعيد وعلى الانتقال بسرعة بالغة
من مكان الى اخر ، اضافة الى انها اصبحت هي نفسها باختطافها هدفا مهما يتوجه آلية الارهاب. ووضعت في متناول الارهابيين أسلحة وأجهزة خاصة متطورة كالمسدسات والبنادق الصغيرة ذات المديات البعيدة ووسائل التسديد التلسكوبية والقنابل اليدوية والقنابل الصغيرة والموقوتة والموجهة من مسافات بعيدة. وكل هذه الاسلحة والاجهزة تتصف برخص اسعارها نسبيا وبصغرها وقابلية حملها وسهولة استخدامها وشدة تدميرها .
اضافة الى خدمات شبكية لنت والموبايل وغيرها زادت وشرعت لهم عمليات الاتصال ممن يرومون بداخلهم نوايا سيئة لخدمة الارهاب.
وهناك من لايستبعد ان يؤدي انتشار وسائل انتاج الطاقة النووية في العقود القليلة القادمة ، وحجم التجارة بالمواد الانشطارية والنفايات الاشعاعية الناجمة عنها، الى إمكانات جديدة للابتزاز السياسي واخذ الرهائن على نطاق واسع لم يعرف من قبل . وهنا لابد من استذكار ما قيل في اللجنة الخاصة بموضوع الارهاب الدولي من أن الطابع المنظم الذي يتسم به الاستخدام الشرير المعتمد للضحايا الأبرياء لتحقيق اهداف معينة هو جزء من ثقافة الارهاب المعاصرة التي تتضح مثلا في نظرية توازن الارهاب والارهاب بقصف المدن والمدنيين ، واخيرا استخدام الاسلحة النووية . اضافة الى هذه الاسباب التكنولوجية هناك من يذهب الى ان المجتمع اصبح اكثر عرضة للارهاب من ذي قبل. فقد خلقت اهداف مكشوفة هامة متعددة نتيجة تركز السكان في مدن ضخمة غير مؤمن حراستها ، وتضاعف اعداد السدود والجسور الطويلة والعالية والمراكز

الصناعية والموانئ ومحطات توليد الطاقة الكهربائية ومصافي النفط . وواضح ان هذا التوسع او التعقد في المدن ومؤسساتها ليس سببا مباشرا او غير مباشر لقيام الارهاب بقدر ما هو وسيلة يمكن ان تستغل لممارسته.
ولاشك ان لوسائل الاعلام دورا في تشجيع الارهاب او تجنيده ويرى البعض ان التطورات الحديثة في بث الأخبار من اذاعة وتلفزيون واقمار صناعية للاتصالات كانت فرصة مؤاتية للارهابيين الذين يسعون وراء الدعاية لافعالهم. واستعداد اجهزة الاعلام وقدرتها على بث أخبار حوادث العنف الدرامية في جميع انحاء العالم يوسعان الارهاب بل قد يشجعانه. وهكذا يضمن الارهابيون تغطية مباشرة لافعالهم على نطاق عالمي من خلال الاذاعة والتلفزيون والصحف . ولربما كان هذا هو ما دفع بعض أعضاء اللجنة الخاصة بموضوع الارهاب الدولي الى المطالبة بان تقتصر التغطية الاعلامية للافعال الارهابية الفردية على الحدود الدنيا فحسب .
اخيرا لابد من ان نذكر بان المواقف السلبية بل التشجيعية احيانا التي اتخذتها دول كثيرة حيال ظاهرة الارهاب لعبت دورا كبيرا في اتساع هذه الظاهرة في السنوات الاخيرة. فقد أدى نقص الترتيبات الوقائية الامنية في بعض الدول الى تشجيع بعض مواطنيها على ارتكاب اعمال ارهابية وهذا ما يمكن قوله بشأن غياب القوانين الصارمة لمعاقبة الفاعلين او ضعف عقوباتها. كما شجعت بعض الدول الارهابيين بمساعدتهم او بغض النظر عن انشطتهم المنطلقة من أقاليمها ضد دول أخرى. وتهاونت دول مضيفة لمنظمات دولية في اتخاذ مايلزم من اجراءات ازاء الانشطة الارهابية الموجهة الى هذه المنظمات. وتتوضح هذه المواقف السلبية ايضا في رفض بعض الدول عقد معاهدات ثنائية لمناهضة الارهاب، او الانضمام الى الاتفاقات الدولية القائمة في هذا الميدان

لجذور التاريخية لظاهرة الارهاب

شنكاو هشام باحت في العلاقات الدولية والقانون الدولي


ربما بإمكاننا ان نحدد بداية الارهاب الذي مارسه الأفراد بعهد الجمهوريات اليونانية والرومانية القديمة . وفي ضوء المفهوم التقليدي للارهاب يرى البعض اغتيال الامبراطور يوليوس قيصر عام (44) ق.م مثلا من امثلة الارهاب ينطبق على اغتيال رئيس دولة في العصر الحديث .
وفي القرن الحادي عشر نشأت في الشرق الأوسط جماعة (الحشاشين) الدينية التي تمتد في أصولها الى الإسماعيلية وحين أراد (الحشاشون) ان يحتفظوا بمعتقدهم الديني وتقاليدهم الاجتماعية قاومهم السلاجقة الذين كانوا يومها حكام المنطقة . وكان ردهم على هذه المقاومة ان لجأوا الى أساليب الإرهاب والعنف ، وكان الاغتيال ابرز هذه الأساليب وهكذا اغتالوا الوزير السلجوقي في (نظام الملك) عام 1092 وملك القدس الصليبي (كونرادي موتغيرا) وحاولوا ان يغتالوا القائد العربي الاسلامي (صلاح الدين الأيوبي) مرتين كما نشأت في الشرق الأقصى جماعات دينية وسياسية اعتمدت الارهاب لتحقيق أهدافها وكان من أبرزها جماعة (الخناقين) التي اعتاد افرادها خنق معارضيهم بأشرطة حريرية .




وبحلول القرن السادس عشر ، شهد العالم الارهاب ، وهو ينتقل الى أعالي البحار حيث أخذت عصابات خارجة عن القانون ترتكب هناك أعمال القرصنة التي كانت عبارة عن ممارسات نهب واعتقال حيال السفن التجارية ورغم ان القرصنة كانت تمارس لابتزاز الأموال أولا ، فقد كانت تمارس كذلك لارغام بعض السلطات على تحقيق مطالب سياسية معينة .
وفي بداية القرن التاسع عشر ، كانت الولايات المتحدة الامريكية مرتعا جديدا للارهاب ، فقد نشأت هناك عدة حركات عنصرية هدفها ارهاب الزنوج والملونين بصورة عامة وتتجسد هذه الحركات في الأنشطة التي كانت تمارسها منظمة (كوكلاكس كلان) الارهابية التي أنشأها المزارعون الجنوبيون عام 1856 ضد الحقوق المدنية للزنوج وكان الشنق على الأشجار قانون المنظمة هذه .
ولا ريب ان الاشخاص الذين آمنوا بالارهاب كأداة لتحقيق تغير سياسي واجتماعي ما كانوا اكثر ممارسي الارهاب فاعلية ونشاطا وقد تجسدت هذه الحقيقة في الحركة الفوضوية في اوربا في العقدين الاخيرين من القرن التاسع عشر .
وهناك من يحاول ان ينفي عن الفوضوية صفة الارهاب، قائلا ان الفوضويين كانوا متفقين الى حد كبير على أهدافهم العامة النهائية، إلا انهم اختلفوا على اساليب تحقيقها اختلافا شديدا. فالفوضويين من اتباع (تولستوي) لم يقروا الارهاب في أي ظرف من الظروف، وجماعة (نمودوين) سعت للتغيير من خلال النقاش والاقناع وحدهما، و(برودون) وأنصاره رأوا انتشار المنظمات التعاونية بصورة سلمية سبيلهم الوحيد الى تحقيق أهدافهم اما (كروبوتكن) فلم يأخذ بفكرة العنف او الارهاب إلا على مضض إذ كان يعتقد بان العنف لابد ان يقع خلال الثورات، وبأن الأخيرة مراحل لامفر منها في التقدم الانساني .
وأيا كانت مواقف الحركات الفوضوية بهذا الصدد فقد بلغت عبادة الارهاب ذروتها في بداية العقدين الأخيرين من القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. ففي فرنسا مثلا جرى تأسيس حركة العصابة السوداء الفوضوية التي ضمن حوالي ثمانمئة عضو حيث أخذت تهاجم الكنائس والشركات بين عام 1882 وعام 1884 وبرز فيها إرهابيون شنوا سلسلة أعمال إرهابية بين عام 1892 وعام 1894 . ومع تصاعد البطش الذي جوبهت به هذه الحركات في عدد من الأقطار الأوربية وفي مقدمتها روسيا وفرنسا وايطاليا واسبانيا، وإخفاقها في تحقيق أي هدف من اهدافها، استنتج عدد من قادتها بان الطريق الوحيد لتحقيق التحول الاجتماعي العادل هو العنف الموجه الى رئيس الدولة. وهكذا اغتيل رؤساء الدول والحكومات في هذه الفترة فهم: الرئيس الامريكي (جيمس أ. غارفيلر) 1881 وقيصر روسيا (الكسندر الثاني) في العام نفسه، ورئيس وزراء ايرلندا (اللورد فردريك كافندش) 1882 والرئيس الفرنسي (سادي كارنو) 1894 ورئيس وزراء اسبانيا (انتونيو كانوفاس ديك كاستيلو) 1897 وامبراطورة النمسا وهنغاريا (اليزابث) 1898 وملك ايطاليا (امبيرتو الاول) 1900 والرئيس الامريكي (ويليم ماكنلي) 1901 ورئيس وزراء روسيا (بيتر ستولين) 1911 ورئيس وزراء اسبانيا (جوس كاتاليس) 1912 .
وبالرغم من ان اعمال الارهاب هذه لم تؤد الى تغييرات جذرية في الحياة السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية في اوربا، فقد ساعدت على بلورة سير بعض الأحداث الكبرى في تلك المرحلة، ومنها الحرب العالمية الأولى وهكذا، مثلا استغلت المانيا وحليفتها الامبراطورية النمساوية

الهنغارية الفرصة التي وفرها اغتيال ولي عهد النمسا (الدوق فرانز فيرديناند) وزوجته في (سيراجيفو) على يد قاتل سياسي من (صربيا) في 28 حزيران 1914 لتثيرا بعد شهرين حربا عالمية استمرت أربع سنوات.
ومن الحربين العالميتين الاولى والثانية نشأت وتصاعدت في عدد من المستعمرات والدول الخاضعة للنفوذ الاجنبي حركات استقلالية انتهج بعضها طريق العنف ـ الارهاب الموجه الى ممثلي هذا النفوذ وأعوانه وهذا ما حصل مثلا في شرق آسيا وبخاصة في الهند. وكما قال أحد الزعماء الوطنيين في الهند بعد استقلالها عام 1950 ان استقلال الهند لم يتم كله بالعنف ولكنه في الأقل لم يتم بدون العنف وفي الشرق الأوسط ظهرت منظمات سرية وكان معظمها يعتمد العنف أحيانا لتحقيق أهداف قومية او دينية، كجمعية مصر الفتاة التي حاربت السياسيين المصريين الموالين للسياسة البريطانية. وقد أدت اعمال هذه الجمعية الى مقتل اثنين من رؤساء الوزارات وعدد آخر من المسؤولين المصريين .
إلا أن الشرق الأوسط شهد أيضا في الفترة الواقعة بين الحربين العالميتين وبعد الحرب الثانية، نمطا من الارهاب يختلف اسلوبا وهدفا عن كل الأنماط التي شهدها من قبل. وتركز هذا الارهاب في فلسطين، حيث قامت الجماعات الارهابية الصهيونية هناك باعتماد اسلوب التشريد والقتل الجماعي لتحقيق اهدافها الاستيطانية . وفي مواجهة الصمود الذي ابداه الشعب الفلسطيني على ارضه طوال فترة الانتداب البريطاني بل ما قبله عمدت المنظمات الصهيونية الارهابية الى تصعيد الارهاب والرعب الدمويين الى اقصى درجاتها، بغية اقتلاع هذا الشعب من ارضه وتشريده. وكان ابرز اعمال الارهاب الصهيوني في تلك الفترة مجزرة (دير ياسين)

التي ارتكبت في نيسان 1948 ومنذ عام 1905 خططت ونفذت هذه الاعمال الارهابية منظمات مزودة بكل مستلزمات الارهاب من مال وسلاح ومعلومات وقصد اجرامي، فكان ابرزها (هاشومير) و(غوديم) و(هاغانا) و(ارغن زفاي لومي) و(شتيرن). وكانت هذه المنظمات كلها هدفا وأسلوبا وأفرادا الأساس الذي قامت عليه المؤسسة العسكرية الاسرائيلية الحالية. وهذا ما يفسر اعتماد هذه المؤسسة أسلوب الارهاب في مقاومة خصمها اضافة الى اساليب العمل العسكري التقليدية . كما شهد العقدان الاخران عمليات ارهابية صهيونية ضد المواطنين العرب ,حيث يتسم الارهاب ضدهم في المناطق المحتلة بالاعدام الجماعي وذبح اللاجئين العزل العائدين الى بيوتهم، والقتل والمعاملة الوحشية دون تمييز في اثناء منع التجوال والتفتيش والتظاهرات وهدم القرى والمناطق المدنية وترحيل السكان وطردهم جماعيا وتدمير المحاصيل بمواد كيمياوية .
اما خارج الأرض المحتلة فقد قام الكيان الصهيوني بعمليات ارهابية حيث طور وسيلة الاغتيال من الرصاص الى الرسائل والطرود الملغومة الى استخدام التفجير بواسطة اللاسلكي عن بعد .


ويستوقفني امر مهم وهو ان أهم الخطوات الفعالة التي خطتها اسرائيل عن طريق انتاج الأسلحة النووية وهي انشاء مفاعل ديمونة وهو مفاعل بُنيَ بمعاونة فرنسا بمقتضى اتفاقية سرية عام 1957 ووضع تحت الاشراف المباشر لوزارة الدفاع الاسرائيلية .


وخلاصة القول ان اسرائيل قد لجأت بالفعل الى الخيار النووي من حيث امتلاك الأسلحة النووية لتقاتل بها إذا ما شعرت انها تقف في الخندق الاخير .

الجمعة، 2 أبريل 2010

القانون الدولي العـــام

شنكاو هشام باحت في العلاقات الدولية

اولا_التعريف بالقانون الدولي العام .
لقد حاول الإنسان منذ بداية الخليقة أن يقترب من أخيه الإنسان ومن ثم يوسع من دائرة الاقتراب تلك ،حتى تشابكت العلاقات ، وتنوعت لتشمل كافة مجالات الحياة ، وقد اتسمت في بعض الأوقات بالسلمية ، وفي بعضها الآخر بالتوتر الذي أدى في الكثير من الأحيان إلى نشوب الحروب التي من جرائها خسرت البشرية الملايين من أبنائها. لكن الإنسان سعى كفرد وكجماعات ـ ومنها الدول- لإقامة أفضل العلاقات مع الغير.

إن التقدم الذي حصل تدريجياً منذ البدايات ، وتسارعه في القرنين الماضيين خاصةً ، جعل علاقة الإنسان بالإنسان ، وعلاقات المجتمعات ، والدول فيما بينها من أقصى مشارق الأرض إلى مغاربه تزداد تعقيداً ، ويأخذ طابعاً يومياً مع أنهم جميعاً يعيشون في بقعة صغيرة من الأرض - بتلاشي الأبعاد والمسافات بين البلدان- أدت الى تشابك المصالح والاشتراك العالمي في الحضارة والثقافة وامتزاجها. كما أن التقدم الصناعي والتقني ، والاكتشافات العلمية ، والتقنية الحديثة في الاتصالات، والقدرة السريعة على البيع والشراء ـ أسهماً كانت أم أرصدة أم مواداً- جعل التوجه نحوالإستقرارفي العلاقات ، والتعاون ، والهدوء في الأنظمة السياسية أكثرإهتماماً ، ولم يعد الهدوء الداخلي وحده في دولة بعينه كافياً لتحسين العلاقات فيما بين الدول ، فما يحدث في دولة ما من منازعات داخلية قد يهدد السلم ، والأمن في دول أخرى . لذلك كان لا بد للقانون الذي ينظم العلاقات فيما بين الدول من أن يتطور، وينظم تلك العلاقات طرداً مع ما يتناسب من التطوروالتقدم الحاصل في المجتمع البشري.

إن التطورالذي حصل في المجتمع البشري الذي كان من نتيجته نشوء الدول كارقى شكل من أشكال التنظيم في المجتمعات . والدولة - بين جماعة الدول- كالفرد بين باقي أبناء جنسه ، حيث لم تقتصر
الحاجة إلى التعاون بين الأفراد ضمن الدولة ، بل الدول أيضاً فيما بينها هي أحوج إلى التعاون المتبادل ، حيث يصعب عليها البقاء في عزلة عن بقية الدول ، فقد يتوفرلديها من الحاجيات أكثرمما يلزمها ، في حين قد تنقصها بعض الحاجيات الأخرى مما هو متوفر لدى غيرها من الدول ، وهذا الإحتياج يدفعها أن تدخل مع غيرها من الدول في علاقات التبادل والتعاون ، ولابد أن يكون لعلاقة التبادل والتعاون هذه من منظومة ينظمها ، وتتمثل تلك المنظومة في القانون الدولي العام ، شأنه في ذلك شأن القانون الداخلي في تنظيم العلاقات بين هيئات الدولة الواحدة وبين أفرادها. وعلى ذلك يمكن تعريف القانون الدولي العام بأنه : "مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات بين الدول، وتحدد حقوق كل منها وواجباتها" (1) .
ويمكننا ذكر بعض التعاريف التي أوردها كل من :

- الأستاذ روسوحيث يعرفه بأنه :" ذلك الفرع من القانون الذي يحكم الدولة في علاقاتها المتبادلة"(2) .

ويورد الدكتور علي صادق ابوهيف في مرجعه السابق التعريف الذي يتبناه كل من أوبنهايم وشتروب كالتالي:
- أوبنهايم ويعرفه بأنه :" مجموعة القواعد العرفية ، والإتفاقية التي تعتبرها الدول المتمدنة ملزمة لها في تصرفاتها المتبادلة" .

- شتروب ويعرفه بأنه : " مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن حقوق الدول ، وواجباتها، وحقوق ، وواجبات غيرها من أشخاص القانون الدولي".
من خلال التعاريف المذكورة وما سنورده لاحقاً يتبين لنا بان القانون الدولي ينظم العلاقات فيما بين الدول ، أي ان الدول هي موضوع القانون الدولي العام ، وهذا ما يستدعينا بالضرورة أن نفرق بين العام منه والخاص . فالقاعدة القانونية التي تمس الدولة ، أو تلك التي تكون الدولة طرفاً فيها بصفة الدولة ، تكون من قواعد القانون العام . أما اذا اقتصرت القاعدة القانونية على تنظيم الروابط بين الأفراد فتكون من قواعد القانون الخاص ، لذلك يكون ضابط التمييزبين القانون العام والقانون الخاص هو وجود الدولة في الرابطة القانونيةالتي تنظمها القاعدة القانونية ، ولا يجب أن ننسى بأن الدولة موضوع القانون العام يقصد بها باعتبارها تلك الوحدة السياسية المستقلة ذات السيادة ،لا باعتبارها فقط شخصاً قانونياً عادياً ، وعندها تكون موضوعاً للقانون العام الداخلي وليس الدولي . فالقانون العام هو :" مجموعة القواعد المنظمة لسلطات الدولة ، والعلاقات بالأفراد وبغيرها من الدول بعكس القانون الخاص الذي ينظم روابط الأفراد ببعضهم مثل قواعد القانون المدني ، و التجاري".

وما يهمنا من فروع القانون هو:
القانون الدولي العام : هو مجموعة القواعد التي تحكم فعلاً تصرفات جماعة الدول المتمدنة فيما يقوم بينها من علاقات(3) . كما لا يمكننا العزل ، أوالفصل بين القانون الدولي العام وبين المجتمع الدولي ، فالأخير يعتبرموضوعاً للأول لذلك يرى الفقه بوجود رابطة بينهماعندما يعرف المجتمع الدولي بأنه :
"مجموعة من الوحدات السياسية المستقلة ، أو صاحبة السيادة التي تدخل في علاقات متبادلة استناداً الى قواعد سلوك تعترف بها كقواعد ملزمة تطبق في وقت السلم والحرب".
وقد قرر القضاء الدولي أيضاً هذا الربط بينهما عندما قررت المحكمة الدائمة للعدل الدولية في قضية(Lotus) في 7 سبتمبر 1927 من أنها : "تعتقد أن معنى اصطلاح قواعد القانون الدولي لا يمكن أن يعنى وفقاً لإستعماله الجاري إلا القانون الدولي المطبق بين مختلف الأمم التي يتكون منها المجتمع الدولي(4)
2- غاية القانون الدولي العام
لقد كان قصدنا من إيراد التعريف بالقانون الدولي العام هو الوصول إلى معرفة الغاية منه. فالإرتباط بينهما وثيق جداً لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر، ولم يكن باستطاعة الجماعات البشرية منذ القديم أن تعيش في حالة الإنعزال عن بعضها ، فقد تداخلت فيما بينها ولوبالحد الأدنى في البدايات ، وقد تطور ذلك التعامل مع تطور وتقدم الفكرالبشري حتى أصبح المجتمع منتظماً في دول ، أخذت العلاقات أيضاً فيما بينها طابعاً تنظيمياً تتعلق بمسألة السيادة الوطنية ، أوالاقليمية. كذلك مسائل الحدود فيما بين الدول أصبحت تشكل حاجزاً لابد من عبوره للدخول أوالخروج بموجب قوانين ، ومعاهدات تنظم ذلك العبور. كما أن الجرائم التي أصبحت تحدث في إقليم دولة ما بتوافرعنصرخارجي استلزمت بالضرورة إيجاد قوانين تنظم تلك الحالات من حيث القانون الواجب التطبيق على سبيل المثال ، حيث أن :

1- التطور الهائل في مجال الصناعة ، ووسائل النقل ، والإتصال في عصرنا هذا جعل من المجتمع الدولي مرتبطاً ومتصلاً ببعضه بصلات وثيقة. فارتباط الثقافة ، والإقتصاد ، والسياسة ، والحاجيات ببعضها بحيث من الصعوبة على إحدى الدول إمكانية العيش في عزلة عن البقية ، وبتوسع العلاقات المرتبطة هذه ازدادت الحاجة إلى تنظيم تلك العلاقات بشكل دقيق وإيجاد ، وتطويرمنظومة قانونية تنظمها بغية التفاهم واستتباب الأمن ، واستمرارالإستقرار.
فالإختراعات الحديثة التي تمت لا يمكن استغلالها على وجهها الأكمل إلا إذا تم ذلك في المحيط الدولي بشكل واسع كالطيران ، واللاسلكي ، والنقل البحري وغيرهما. إن ضرورة التعاون هذه لابد أن يتم ضمن أنظمة دولية ، وفي ظل علاقات مستقرة فيما بين الدول، ومهمة القانون الدولي هو تنظيم هذه العلاقات ، وغايته في ذلك تيسير سبل الحياة للأفراد ، وضمان رفاهيتهم بالتعاون للحصول على جميع حاجاتهم على اعتبارهم أعضاء في المجتمع الإنساني دون النظرإلى جنسياتهم ، أو لغاتهم ،أو معتقداتهم .

ومن جهة أخرى ، إن نمو الوعي ، والتفكير، والتقدم الحاصل في المجالات الطبية ، ولد الشعور
بضرورة التعاون الدولي في القضاء على ما يصيب الإنسان من أمراض يكون من الصعوبة بمكان لدولة بعينها القضاء على أسبابها ، كما هو حاصل اليوم مع مرض انفلونزا الطيور، الذي لايكون بوسع دولة ما اغلاق حدودها أوأجوائها ، أوعزل هوائهاعن البقية ،هذه الحالة استوجبت التعاون الدولي في مكافحته لئلا يفتك الوباء بالبشرية جمعاء.

كما إن تحسين عوامل الإنتاج، وتأثيره الطردي على نمو وازدياد السكان، وبالمقابل احتياجات السكان في دول أخرى للغذاء ، والكساء ، والمأوى نتيجة النقص الحاصل لديها سواء أكان بسبب سياساتها الاقتصادية ، أوإهدارها للثروات ، وما تسببها من حالات الفقر، والشغب ، والحروب الداخلية المتزايدة التأثير في الكثير من الأحيان إلى زيادة معدلات الهجرة ،هرباً من القمع الحاصل ،أو بحثاً عن ملاذ آمن، من الجوع وانعدام الرعاية الصحية.
كل ذلك دفع الكثيرين إلى الإعتقاد بضرورة التعاون، وتبادل الثروات المادية والفكرية مما ولد حركة اتصال دائمة بين الدول ، وأنشأ علاقات كان لابد من تنظيمها لكي لا تؤدي الى الفساد ، وسوء التفاهم ، ونشوء الحروب التي تؤثر سلباً على العلاقات القائمة. إن القانون الدولي العام تبنى في بعض تجلياته مهمة تنظيم تلك الجهود لتحقيق التوازن في العلاقات بين الدول سواء تلك القوية ، أوالكبيرة في مساحتها أوسكانها أوالغنية بمواردها ، أو تلك الضعيفة ، أوالصغيرة ، أو الفقيرة من حيث مواردها.

2- خلال فترة طويلة امتدت الى بدايات القرن العشرين، كان القانون الدولي التقليدي يعتبر الحرب عملاً مشروعاً ينطلق دائماً من حق الدولة ان تأتيه كلما اقتضت مصلحتها ذلك (5). ومن جهة أخرى اعتمد القانون الدولي مبدأ المساواة بين الدول (الأوربية في حينها). ولكن الحروب وما سببتها من مآسي عالمية بالإضافة إلى دخول الدول الجديدة في آسيا ، وأفريقيا ، وأمريكا اللاتينية الى الساحة الدوليةكل ذلك دفع الدول إلى الإهتمام بموضوعة السلام والأمن الدوليين ( كميثاق الأمم المتحدة مثلاً) وأنتج كذلك تطوراً مهماً ، وهو القبول بمبدأ عدم التفريق بين الدول بمواصفاتها المختلفة وانتماءاتها الإثنية ،أوالدينية وهوما أكد صفة السموالانساني التي يتسم بها القانون الدولي العام ، لا سيماإذا تذكرناإهتمامه، بالتأكيد على نبذ العنف ، والتشجيع على العلاقات الطيبة بين الدول بدفعها إلى اللجوء في حل مشاكلها إلى أساليب التفاوض السلمية ، والمساعي الحميدة.

كما أن المهمة الإنسانية التي يقوم بها القانون الدولي العام بتنظيمه لقواعد الحرب في حالات الإنزلاق إلى الإقتتال على الأقل، لتخفيف ويلات الحروب وتنظيم وتقديم المساعدات وإجراء الإتصالات بالأطراف المتقاتلة لحل أزماتها ، إضافة إلى المحاولة الجادة لإعادة السلم والأمن إلى ربوع تلك الدول ونشرالسلام كغايته السامية.

3- وهكذا لم يبق القانون الدولي العام على حاله ، فقد تطور كثيرا،ً واكتسب مفاهيم ، ومبادئ جديدة ، تعبرعن ميزان القوى العالمي خاصة بعد الحرب العالمية الثانية ، وانقسام العالم إلى معسكرين ، وقيام نظام جديد للعلاقات الدولية أساسه القطبية الثنائية ، وإستقلال الكثير من البلدان في العالم الثالث كما ذكرنا ، وتأسيسها دولاً وطنية انضم الكثير منها إلى مجموعة دول عدم الإنحياز في ظل الحرب الباردة . كل ذلك وسع دائرة إهتمام القانون الدولي وأعطى للبلدان النامية مكانة فيه ، وقد عبرت فترة الإستقلال السياسي للكثير من الدول بعد الحرب العالمية الثانية – في ظل القطبية الثنائية ، وتوازنات الحرب الباردة - عن التقاء مصالح الدول , وعكس إرادة شعوبها للتعايش في المجتمع الدولي . حيث مثل، ويمثل مرحلة الإنتقال من القواعد القديمة للقانون الدولي ، إلى القواعد الجديدة التي تشكلت إحدى أهم أعمدتها قاعدة (صيانة السلم العالمي) .

4- وبتلاشي أحد القطبين أصبحت البشرية تعيش في ظل نظام عالمي جديد أساسه أحادية القطب منذ بداية التسعينات من القرن الماضي ، وظهرت معه مفاهيم ، وظواهرجديدة كالعولمة ، والتأكيد على حقوق الإنسان مع التوجه نحو التدخل باسم التدخل الإنساني في شؤون الدول الأخرى تحت ذريعة حماية حقوق الإنسان من الإعتداءات الصارخة ، وكان لذلك أثره في ظهور بعض المنازعات.

من جهة أخرى لم يقتصرالتعاون بين الدول على ناحية واحدة بل امتد ليشمل كافة النواحي الإقتصادية منها ، والعلمية ، والفكرية ، والفنية وحتى الروحانية فالبعض ينتفع من اكتشافات ، واختراعات البعض الآخر.
كما إن للتقدم الأدبي والفكري في بلد ما تأثيره على الحياة الفكرية في البلاد الأخرى .

5- إن استمرارالعلاقات الودية ، وحسن التفاهم بين الدول، يسهل غاية القانون الدولي لكن كثيراً ما تعجزالوسائل الودية من فض النزاعات ، ويصبح اللجوء إلى إستعمال القوة أمراً محتوماً ، وعندها أيضاً يتدخل القانون الدولي ليخفف من الويلات الناجمة عن إستعمال القوة.

إن القانون الدولي لم يكن بمقدوره حتى الآن إبعاد شبح الحروب التي مازالت هي الوسيلة الوحيدة في كثير من الأحيان لتسوية المنازعات الدولية والداخلية ، كما حدث في بداية التسعينيات إلى أواخره ، في العراق أثناء غزوه للكويت ، وفي يوغسلافيا السابقة لوقف إنتهاكات السلطة في صربيا بقيادة سلوبودان ميلوسوفيتش ضد مسلمي البوسنة والبان كوسوفو ، ومرة أخرى في العراق للإطاحة بنظام صدام حسين رغم عدم اتفاق الدول الكبرى فيما بينها على هذه الخطوة ، فهي تدخل في إطارهذا النهج ، أي التدخل بذريعة الحفظ على السلم ، أومنع الإنتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان.

إن تمسك الدول بسيادتها المطلقة ، وإغلاق أبوابها في وجه مبادئ القانون الدولي يزيد من آلام الشعوب تحت قمع السلطات الدكتاتورية ، وكأنها تعيش في جزيرة معزولة عن العالم ، تطبق فيها القانون المعبرعن إرادة الحكام في القتل ، والنهب والتسلط،وكم الأفواه. لكن الجهود المبذولة من قبل المنظمات الدولية ، والجهات الفنية بتوفير حرية ، وضمان حقوق الإنسان ، وعقد الإتفاقات الدولية في هذا الشأن يؤدي إلى تقليل حالات تعنت الدول باسم السيادة ، وإلى زيادة التزامها بقواعد القانون الدولي ، وتطبيقها للمعاهدات المبرمة، إذ تشعرالدول يوماً بعد يوم بأن الدول القوية سواء بتكليف من المنظمة الدولية (الأمم المتحدة) أم بالحصول على غطا ء شرعي لاحقاً ، تجعل من حماية حقوق الإنسان، والديمقراطية ، ومكافحة الإرهاب ذريعة للتدخل والإطاحة بالنظم الدكتاتورية (أفغانستان، والعراق بعد أيلول(2001). ويأمل العديد من أساتذة القانون الدولي أنه سوف يأتي اليوم الذي تقتنع فيه الدول بأن التعسف في إستخدام السلطة ، والحروب مهما كانت مغانمها ستجرالوبال عليها ، وعلى الجميع، وإن التفاهم ، والتعاون ، واحترام الحقوق أجدى وأنفع من الإلتجاء إلى العنف ، والقوة.

تانيا_مصادر القانون الدولي:
ان نشوء العلاقات الدولية فيما بين الدول لم تقم إلا بالتقاء إرادات الدول الثنائية أو أكثر فيما بينها تحت أوصاف مختلفة كالمعاهدات والاتفاقيات الدولية. ان التقاء ارادات الدول مهما كانت تسمياتها هي التي تنظم تلك العلاقات فيما بينها ، والتي اعتبرت مصدراً من مصادر القانون الدولي ، يجعل من القضاء الدولي الرجوع إليها للبت في المنازعات المعروضة عليه ، كون القاضي الدولي يعتمد في الحكم على القضية المعروضة عليه على ضوء القوانين الوضعية التي أقرتها إرادات الدول من الأطراف المتنازعة ، بخلاف القاضي الوطني الذي يحكم سواء وجدت قاعدة قانونية ، أو لم توجد.

إن اختلاف النظام القانوني الدولي ، عن النظام القانوني الوطني أي الداخلي ، على الأقل في مصدره الأساسي الذي يمثله التشريع في النظام القانوني الوطني والذي تم وصفه بوجود سلطة عليا في الدولة بخلاف النظام القانوني الدولي الذي يعتمد في مصدره الأساسي على إرادات الدول التي تلاقت في معاهدة ، أو اتفاقية توضح بان مصادر القانون الدولي العام تتجسد أول ما تتجسد في الإتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تأخذ :


1- المظهر الصريح للقاعدة القانونية .
2_ المظهر الضمني للإقرارالذي يكون بسير الدول في تصرفاتها على مقتضى القاعدة الدولية المنشأة نتيجة الحاجة ذاتها ، وشعورالدول بضرورتها.
ويقسم الفقهاء مصادر القانون الدولي إلى :
1- المصادر المادية:وهي تلك التي تتمثل في الأسس، والعناصرالإجتماعية الدولية. أي كافة القيم ، والمثل، والمفاهيم السائدة في المجتمع الدولي ، والتي تزود القاعدة المعنية بمادتها سواء أكانت سياسية ، أم إقتصادية أم أخلاقية.

2- المصادر الشكلية : وهي تلك التي يقصد بها القوالب التي تفرغ فيها القاعدة الدولية لتتخذ من خلالها شكلها الخارجي ، وتلك هي المصادرالتي يعتد بها عند القول بوجود ، أوعدم وجود القاعدة القانونية الوضعية .

كما أن القضاء الدولي في قيامه بتطبيق القانون الدولي على المنازعات المعروضة أمامه ، لم يقتصر على الإعتداد بالقواعد التي صاغتها المصادر الشكلية للقانون الدولي ، وإنما استبق التكوين النهائي لبعض القواعد وصياغتها في معاهدة ، أوعرف ، وعبرعن ذلك بما جاء في الإتفاق بين ليبيا وتونس على اللجوء إلى محكمة العدل الدولية ، في مصدر الجرف القاري بينهما الصادر عام 1982 والذي دعت فيه الدولتان المتنازعتان المحكمة أن تعتد في حكمها ، بالإتجاهات الجديدة في القانون الدولي الجديد للبحار(6) ، كل ذلك قبل أن يتم التوقيع على معاهدة الأمم المتحدة لقانون البحار في إكتوبر 1982 وقبل أن تدخل حيز التنفيذ.

تالتا_أشخاص القانون الدولي:

أولاً _ الدول :

من خلال التعريف بالقانون الدولي العام الذي ينظم العلاقة فيما بين الدول يكون واضحاً بأن الأشخاص المخاطبين به هم الدول ، وهم الذين يتمتعون بالحقوق ويلتزمون بالواجبات التي نظمتها لهم قواعد القانون الدولي ، لذلك تعتبر الدول من أشخاص القانون الدولي العام ، وخاصة أن قواعد القانون الدولي أقر لهم بتلك الصفة لأنهم قادرون على إنشاء قواعد دولية بالتراضي مع غيرهم من الدول.
وقد نشأ القانون الدولي من أجل الدول حيث لولاها لما كان هناك حاجة لوجود ذلك القانون. وكون
الدول من أكثر أشخاص القانون الدولي اختصاصاً ، يزيدها أهمية على بقية أشخاص القانون الدولي . ولكن التطورات والتغيرات التي تطرأ على الدولة ، واختلاف أشكالها يجعل من الوضع القانوني لتلك الأشكال المختلفة مثار خلاف بين فقهاء القانون الدولي العام .

إن أشخاص القانون الدولي باعتبارها لا تشكل الموضوع الرئيسي لمجال البحث هذا ، لكن لابد من التطرق إلى الدولة ، وأشكالها ، وأوضاعها القانونية ولو بشيء من الإختصار نظراً لأهميتها في موضوع البحث الرئيسي ألاوهوالتدخل الدولي .
1_ والدولة في نظر الفقيه الدستوري هوريو هي : "مجموعة بشرية على أرض معينة ، و تتبع نظاما إجتماعيا وسياسيا ، وقانونيا يهدف إلى الصالح العام ، و تستند الى سلطة مزودة بصلاحيات الاكراه" (7) .
أما الدكتورإبراهيم عبد العزيز شيحا فيرى أن إختلاف زاوية البحث ، وتباين المعاييرالتي اعتمد الفقهاء عليها في تعريف القانون الدولي أدى الى تعدد التعاريف ـ ومن خلال تلك التعاريف ـ يرى الدكتور شيحا بأن هناك أركان أساسية ثلاثة لقيام الدولة تتمثل في (8) :
أـ مجموعة من الناس والتي تعرف باسم الشعب.
ب ـ رقعة من الأرض، و تسمى بالإقليم.
ج ـ سلطة سياسية تبسط سلطتهاعلى ذلك الإقليم ، وعلى ذلك الشعب الذي يعيش عليه.

لكن الأركان الثلاثة السابقة الذكرلا يرتب نشأة الشخصية القانونية للدولة ،إلاإذا توافرعنصرالإعتراف بها من جانب الدول الأخرى ، وبالإعتراف يتم القبول بالتعامل معها كعضو في الجماعة الدولية ، وهكذا يكون توافرعناصرالدولة شرطآ لازماً ، وإن كان غيركاف لاكتسابها الشخصية القانونية ،وتنقضي تلك الشخصية إذامازال أحد عناصرالدولة زوالاً تامآ ، كما إذا اقتسمت بعض الدول إقليم دولة معينة ، أو إذا دخلت دولة في وحدة حقيقية مع دولة أخرى . أما مجرد التغيير في تعداد شعب الدولة ، أو في مساحة الإقليم زيادة أو نقصاناً ، كما إن التغيير في شكل نظام الحكم لا يؤثرعلى الشخصية القانونية الدولية.
وقد حدد مجمع القانون الدولي معنى الإعتراف بأنه :"التصرف الحر الذي تقر دولة ، أومجموعة من الدول بمقتضاه وجود جماعة لها تنظيم سياسي في إقليم معين ، وتتمتع بالاستقلال عن باقي الدول، وتقدرعلى الوفاء بالإلتزامات القانونية الدولية" .
كما عرف ميثاق بوجوتاالإعتراف بأنه : "قبول الدول التي تمنحه شخصية الدولة الجديدة ، والتسليم بحقوقها وواجباتها" (9) .
وتملك الدول حرية اختياركبيرة ، وسلطة تقديرية واسعة في الإعتراف من عدمه لدرجة إنه يمكن القول بأن الإعتراف هوعملية سياسية أكثرمنها قانونية ، أي أنه مرتبط بالقرارالسياسي في الدولة الراغبة بالإعتراف ، ومع أن الإعتراف ليس بالزام أو واجب ، لكن الواجب يقتضي في عدم الإعتراف بالأوضاع غير المشروعة والباطلة ، وإذاتم الإعتراف بها فيكون ذلك باطلاً ، وبهذاالمعنى صدرمن
مجلس الأمن الدولي القرار رقم / 662 / في -02-08 -1990 (10) .

ثانياً- المنظمات الدولية:
إن القدرة على إنشاء قواعد قانونية دولية لم تعد تقتصرعلى الدول ، فمنذ أوائل القرن العشرين تكونت وحدات دولية استطاعت أن تنشئ مع الوحدات المماثلة لها قواعد قانونية دولية ، وأصبحت مخاطبة بأحكام القانون الدولي وأصبحت كذلك متمتعة بالحقوق التالية :
أـ حق إبرام المعاهدات.
ب ـ حق إرسال ، واستقبال المبعوثين الدبلوماسيين.
ج ـ حق المطالبة بأعمال قواعد المسؤولية الدولية ، أوالإلتزام بالخضوع لها.
د ـ حق إعلان الحرب.

وتلك الوحدات هي المنظمات الدولية. لكن الشخصية القانونية للدول لا تتطابق مع الشخصية القانونية للمنظمات الدولية ، فهي مختلفة عنها وذلك أن المنظمات الدولية لا تكون إلا بالقدر، والحدود التي ذكرها الإتفاق المنشئ للمنظمة الدولية ، في حين أن الشخصية القانونية للدول تكون مطلقة من كل قيد (11). والمنظمات الدولية هي :

أ_منظمات دولية حكومية حسبما جاء في إتفاقية فيينا لقانون المعاهدات ، ويقصد بالمنظمات الدولية الحكومية تلك التي تنشئها الحكومات بموجب إتفاق دولي حكومي .
وتقابلها المنظمات الدولية الغير حكومية التي لم تؤسسها الحكومات ، ولم تنشئ بموجب اتفاق دولي حكومي ، ومن هذه المنظمات غير الحكومية ما تكون عملها محصوراً في بلد معين، وعندها تعتبر منظمة وطنية غيرحكومية ، ومنها ما يتجاوزعملها حدود دولة معينة فتصبح منظمة دولية غيرحكومية ، وقد عرف المجلس الإقتصادي ، والإجتماعي لهيئة الأمم المتحدة في قراره رقم 288 الصادرعام 1992 المنظمات غير الحكومية بأنها ، كل منظمة لا يتم تأليفها نتيجة إتفاق بين الحكومات بما فيها المنظمات التي تقبل أعضاء يتم إختيارهم من قبل سلطات حكومية ، شرط أن لا يؤدي ذلك للإساءة إلى حرية التعبيرعن رأي هذه المنظمات(12) .


ثالثاً _ الأفراد :
في ظل ازدياد الاهتمام بالفرد يرى الدكتورمحمد طلعت الغنيمي بأن هناك فريقين مختلفين من الفقهاء حيال مركزه في القانون الدولي :
أ ـ فريق وضعي : يرفض الإعتراف للفرد بالشخصية الدولية على أساس أن القانون الدولي ينظم العلاقات بين الدول .
ب ـ وفريق واقعي : يرى في الفرد شخصاً من أشخاص القانون الدولي ، ويعتمد هذا الفريق على أن الأفراد يمكن أن يرتكبوا أفعالاً غيرمشروعة في حكم القانون الدولي ، وعندئذ لاتثورمسؤولية الدولة فحسب ، بل تثورمسؤوليتهم الشخصية كذلك (13). وقد خاطب القانون الدولي الفرد في الكثيرمن المعاهدات ، والإتفاقيات الدولية مما جعل أهلاً لإكتساب الحقوق ، وتحمل الإلتزامات دون أن يرتقي الفرد إلى مستوى الدولة ، فهو أدنى منها ، ولذلك لا يمكن مساواته بها ، وإطلاق نفس الصفة عليه ، فلا يمكن إعتباره من أشخاص القانون الدولي إلا على وجه الإستثناء بعكس الدولة التي تعتبرالشخص الأساسي المخاطب بها من قبل القانون الدولي .
كما لا يمكن إنكارالصفة الدولية على تلك الحقوق التي يكتسبها الفرد على الصعيد الدولي ، وقد ازداد الإهتمام بالفرد على المستوى الدولي من خلال العمل الدولي المشترك بصفته المستقلة عن الدولة ، وجاء ذلك على سبيل المثال في :
آـ العهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية ، والإجتماعية ، والثقافية (14) .
ب ـ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية ، والسياسية (15) .
ج ـ نظام الوصاية التي تمنح سكان الأقاليم الخاضعة حق التقدم بعرائض لكل من الجمعية العامة للامم المتحدة ، ومجلس الوصاية (16) .
د ـ الإتفاق الخاص بتجريم ، ومعاقبة جريمة إبادة الجنس البشري .
ه ـ الإتفاق الخاص بإزالة كافة صورالتمييز العنصري .

و ـ الإتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين ، وأفراد أسرهم (17) .
وقد بدأ نفاذ الإتفاقية الدولية هذه في تموز 2003 وتنص على مجموعة من المعايير الدولية الملزمة ، لتناول معاملة المهاجرين الحائزين للوثائق اللازمة والمهاجرين غيرالحائزين لهاعلى السواء ، ورعايتهم ، وضمان حقوق الإنسان الخاصة بهم فضلاً عن التزامات ، ومسؤوليات الدول المرسلة ، والدول المستقبله . وقد تطرقت الإتفاقية الى المهاجرين بأنه : " يوجد أكثر من 175 مليون شخص من بينهم عمال مهاجرون ، ولاجئون ، وملتمسواللجوء ، ومهاجرون دائمون وغيرهم ، يعيشون ، ويعملون في بلد غير بلد مولدهم ، أوجنسيتهم". وقدعرفت الاتفاقية العامل المهاجرفي الفقرة -1- من المادة -2- من الإتفاقية المذكورة على أنه : "الشخص الذي سيزاول ، أويزاول ، أومابرح يزاول نشاطاً مقابل أجر في دولة ليس من رعاياها". فالشخص القانوني : هو الشخص الذي يخاطبه القانون، ويتمتع في ظله بمجموعة من الحقوق ، ويتحمل الالتزامات . لذلك يعتبرالفرد في النظام القانوني الداخلي شخصاً قانونياً .
والأنظمة القانونية هي الكفيلة بتحديد أشخاصه المخاطبين به. فلا توجد في الانظمة القانونية هذه الصفة ، فالفرد يعتبر في النظام القانوني الداخلي شخصاً قانونياً بخلاف العبيد الذين لم يكونوا يتمتعون في بعض الأنظمة القانونية القديمة بهذه الصفة . فالفرد لا يعد حتى في أيامنا هذه شخصاً من اشخاص القانون الدولي لأنه غير مخاطب بأحكام هذا القانون إلا من خلال الدولة التي يتبعها(18).

ويرى الدكتور مفيد محمود شهاب ، بأنه إذا كان التمتع بوصف القدرة على إنشاء القواعد القانونية الدولية يؤدي بالضرورة إلى توافر أهلية اكتساب الحقوق والإلتزام بالواجبات ، إلا ان العكس غير صحيح . فقد تتفق الدول على ترتيب حقوق الأفراد دون أن يصبحوا نتيجة ذلك أشخاصاً دوليين، ذلك أنهم لا يستطيعون أن ينشؤوا مع غيرهم من الأفراد قواعد قانونية دولية .

وبالرغم من اهتمام القانون الدولي العام بالأفراد لحمايتهم من المؤسسات السياسية التي ينتمون إليها ، أو لحماية هذه المؤسسات من بعض تصرفاتهم الضارة (19)، لذلك تضمن القانون الدولي بعض النصوص التي تلزم الدول باحترام بعض الحقوق الفردية ، أوإلزام الأفراد بمراعاة بعض الواجبات تجاه الدول .

ويخرج حقوق الأفراد السياسية والمدنية من نطاق اهتمام القانون الدولي ، وإنما ينحصر في الحقوق الطبيعية والأساسية باعتباره كائناً إنسانياً ، ومع ذلك ينكر القانون الدولي الوضعي على الفرد الشخصية الدولية ، ويحرمه من حق الإسهام في العلاقات الدولية ، ومن حق الانضمام إلى المنظمات الدولية ، لكن التطور الحاصل في القانون الدولي بإحاطته بالفرد ، وتوسيع دائرة الاهتمام به أخذ يتضاعف ، ويضعه في دائرة الارتباط بالقانون الدولي ، ويلاحظ ذلك ما جاء في ميثاق الأمم المتحدة الذي منح سكان الأقاليم الخاضعة للوصاية حق تقديم العرائض الشفوية ، والمكتوبة إلى مجلس الوصاية ، وكذلك أجازاخضاع الفرد لاختصاص قضاء جنائي دولي وأجاز معاقبته بواسطة محاكم دولية .