الأربعاء، 31 مارس 2010

عوامل قوة الدولة

ن لعوامل القوة المتاحة للدولة دور كبير في تحديد مكانتها على الساحة الدولية لكن قبل التعرض لهذه العوامل يجب علينا ان نعرج على بعض المفاهيم
إن القوة ـ كما أوضحت تعريفاتها ـ ليست التأثير ، وإنما القدرة على التأثير . وتستند هذه القدرة على امتلاك الدولة إمكانيات (خصائص ، موارد ، قدرات ، مؤسسات) معينة تشكل مقومات القوة القومية Elements of National Power التى تمكنها من التأثير على سلوكيات الدول الأخرى فى الاتجاهات التى تحقق مصالحها، كالمساحة الجغرافية ، وعدد السكان ، والموارد الطبيعية ، والقدرات الإقتصادية ، والقوة العسكرية ، والبنية التكنولوجية ، والفعاليات الثقافية، والمؤسسات السياسية ، والحالة المعنوية للشعب ، وغيرها .
لكن ، على الرغم من أن هذه الإمكانيات المتداخلة تشكل فى مجموعها عوامل القوة الشاملة لأى دولة ، فإن هناك اختلافات أساسية فيما بينها ، ترتبط باعتبارات عملية ، تتصل بالقدرة على استخدامها فى عملية التأثير ، خاصة خلال المواقف التى يتعرض فيها أمن الدولة أو مصالحها الحيوية لتهديدات أو ضغوط حادة من الخارج . واستناداً على تلك الاختلافات ، يتم التمييز فى تحليل مقومات قوة أى دولة ـ أى الإمكانيات العامة التى تستخدمها فى عملية التأثير ـ بين مستويين (يوضحهما الشكل التالى ) هما :
عناصر القوة القومية


مصادر القوة قدرات القوة
(أسس القوة) (أدوات القوة)
الأول : مصادر القوة Power Resources ، وهى عناصر القوة التى تمثل موارد عامة ، يمكن أن تستخدمها الدولة على المدى الطويل لامتلاك أو تطوير قدرات معينة تستخدم فى التأثير ، مثل الموقع الجغرافى ، وعدد السكان ، والموارد الإقتصادية ، والقاعدة الصناعية ، والإمكانات العلمية ـ التكنولوجية ، والقيم الثقافية . فالسكان ـ على سبيل المثال- لا يستخدمون مباشرة فى الحروب ، وإنما العناصر المنظمة القادرة على حمل السلاح منهم ، والتى تسمى عادة جيشا . وتمثل هذه المصادر عموما أسس لقوة الدولة .
الثانى : قدرات القوة Power Capabilities ، وهى عناصر القوة التى تمثل قدرات محددة يمكن أن تستخدمها الدولة مباشرة فى عملية ممارسة التأثير على المدى القصير ، كالقوات المسلحة ، والإحتياطيات النقدية ، والأدوات الدبلوماسية ، وأجهزة الاستخبارات ، فالجيوش عادة ما تكون فى وضع استعداد لاستخدام القوة المسلحة فى أى وقت تتعرض فيه الدول للتهديد . وتمثل هذه القدرات عموما (والتى سيتم تناولها فى الفصل التالى) أدوات لقوة الدولة.
وبداية ، فإنه فيما يتصل بأسس القوة (التى يركز عليها هذا الفصل) ، تبدو الصورة معقدة إلى حد كبير . فعلى الرغم من أنه يصعب استخدامها فى ممارسة التأثير بشكل مباشر على المدى القصير ، كقاعدة ، توجد بعض الإستثناءات بشأنها ، إلا أنها تعتبر ذات أهمية قصوى لقوة الدولة بصفة عامة ، لعدة اعتبارات، أهمها ما يلى :
1 - أنها تمثل العامل الأساسى فى تحديد وزن الدولة ضمن هيكل القوة العالمى . فعلى الرغم من الدور الحيوى الذى تلعبه القدرات المحددة (العسكرية ، المالية .. الخ) فى تشكيل موقع الدولة على خريطة النظام السياسى الدولى ، إلا أن عدم استناد تلك القدرات على موارد كبيرة يحد من تأثيراتها على هذا المستوى . فتصنيف دول العالم الى قوى عظمى ، وقوة كبرى، ودول متوسطة القوة (قوى اقليمية كبيرة) ، ودول صغيرة ، يرتكز عادة على أسس القوة ذات الطبيعة الثابتة نسبيا . فإنهيار أسس قوة الإتحاد السوفيتى هبط بالدولة الوريثة (روسيا الإتحادية) من مصاف القوى العظمى الى مواقع الدول الكبرى رغم امتلاكها قوة عسكرية تعادل القوة العسكرية الأمريكية . وامتلاك كل من الهند وباكستان لأسلحة نووية ، لم يحولهما من دول متوسطة القوة إلى قوى كبرى ، وحيازة بعض دول جنوب شرق آسيا ، أو الخليج العربى قدرات إقتصادية أو مالية كبيرة لم يؤد إلى تعديل أوضاعها فى هيكل القوة العالمى .
2 - أن طبيعة (كم وكيف) الموارد المتوافرة لأى دولة هى التى تحدد طبيعة القدرات التى يمكنها امتلاكها ، أو بعبارة أخرى نوعية أدوات القوة المتاحة لها ، لكى تستخدمها فى إدارة علاقاتها مع الآخرين ، فدول مثل السلفادور أو موريتانيا ، التى تمتلك إمكانيات محدودة ، أو غير متطورة بدرجة معينة ، لا يمكنها ـ حتى لو أرادت ـ أن تنتج أسلحة نووية تؤثر بها فى الآخرين ، أو أن تكون لديها شبكة إعلامية تغطى العالم ، أو أن تبعثر عدة ملايين من الدولارات سنويا كمعونات خارجية لسبب أو آخر ، بعكس دول أخرى كفرنسا أو بريطانيا ، تمتلك إمكانيات كبيرة تتيح لها بناء جيوش قوية ، وقواعد عسكرية خارج أراضيها، وامتلاك وسائل إعلام وبرامج معونات خارجية ذات تأثير ، وإن كان توافر الموارد لا يتيح أوتوماتيكيا امتلاك القدرات ، وهناك محددات مختلفة تحيط بذلك . فالعلاقة هنا غير مباشرة ، لكنها واضحة .
3 - أن تأثيرات أسس القوة على علاقات القوة بين أى طرفين قد تكون حاسمة على المدى الطويل ، بشروط معينة ترتبط بالكيفية التى يتم توظيفها بها . فقد كانت القوات الألمانية قد تمكنت عام 1942 ، خلال الحرب العالمية الثانية ، من إلحاق الهزيمة بالقوات الروسية ، والتوغل فى أراضى روسيا، إلا أن اتساع وعمق مساحة روسيا ، ومناخها قارس البرودة ، قد أدى الى إرهاق القوات الألمانية ، التى اضطرت للانسحاب تحت وطأة الضربات غير النظامية للقوات الروسية ، كما كانت اليابان قد قامت بعملية مفاجئة ضد الولايات المتحدة عام 1941، حطمت فيها الأسطول الأمريكى فى بيرل هاربور ، بحيث تمكنت من السيطرة الكاملة فى منطقة الهادى ، واضطرت القوات الأمريكية إلى إخلاء الفلبين ، لكن خلال سنوات قليلة ، تمكنت الولايات المتحدة من إعادة بناء قوتها العسكرية ، لتقوم باجتياح القوات اليابانية فى آسيا ـ الهادى ، وهزيمة اليابان واحتلالها عام 1945 .
إضافة إلى كل ذلك ، فإن بعض موارد القوة يمكن أن تستخدم مباشرة فى التأثير على سلوك الأطراف الأخرى كقدرات قوة ، والمثال الشهير على ذلك هو استخدام الدول العربية للبترول كسلاح ، يحظر تصديره إلى الدول الداعمة لإسرائيل خلال حرب أكتوبر 1973 ، فى ظل ملامح معينة لأسواق البترول ومصادر الطاقة خلال السبعينات ، كما أن الدول يمكن أن تستخدم إمكانياتها المالية مباشرة فى منح المساعدات الإقتصادية للدول الأخرى ، فبعض الموارد الاقتصادية / المالية تمثل أسس قوة و أدوات قوة فى الوقت نفسه .
فى هذا السياق ، فإن محاولة الحصر الدقيق للعناصر التى تشكل أسس القوة لأية دولة تبدو أحيانا وكأنها مهمة مستحيلة . فالدول تتكون من أرض وشعب وحكومة ، ثم عنصر السيادة التى يفترض على أساسه قدرة الدولة على السيطرة على ثرواتها ومواردها ، وتعبئتها فى الاتجاهات التى تحقق مصالحها دون مؤثرات خارجية هيكلية . وتتشكل أسس القوة القومية للدولة استناداً على تفاعل تلك العناصر الرئيسية الثلاثة (الأرض ، الشعب ، الحكومة) ، وهى العناصر التى تحدد ـ مبدئيا ـ حجم الدولة من حيث الصغر والكبر . فهناك دول صغيرة الحجم كغانا وسويسرا ، ودول كبيرة الحجم كالولايات المتحدة والهند ، بصرف النظر عن مستوى تقدم (تحديث) كل دولة، إلا أن لكل عنصر تعقيداته الخاصة ، التى يمكن الإشارة إليها كالتالى :

أولا : الأرض:
ويعبر عنها عادة بالعامل الجغرافى الذى اعتبر من جانب الإستراتيجيين الأوائل أهم عوامل قوة الدول ، فى ظل ظروف عصورهم بالطبع ، ويشتمل العامل الجغرافى على عدة عناصر أساسية ذات أهمية واضحة بين كل عناصر (أو موارد) قوة أى دولة ، منها:
1 - الموقع الجغرافى . فهناك دول تحتل مواقع استراتيجية متميزة على خريطة العالم مثل مصر ، بينما تقع دول أخرى فى مناطق متطرفة معزولة كأيسلندا ، أو حبيسة كتشاد . وتبعا للمقولات السائدة فإن مواقع الدول (مثل مواقع العقارات أو الشقق) تمثل عنصر قوة أساسى فى تقييم وزنها (ثمنها) ، خاصة إذا كانت تسيطر على ممرات مائية دولية رئيسية كقناة السويس ، أو باب المندب ، أو الدردنيل . ويرتبط بذلك أيضا موقع الدولة بالنسبة للبحار والمحيطات ، والذى يحدد طول سواحلها ومنافذها البحرية التى تتيح لها انفتاحا على العالم وثروات بحرية إضافية ، وكذلك موقعها الفلكى على خطوط الطول والعرض ، الذى يؤثر على مناخ الدولة الذى سادت بشأنه نظرية مثيرة فى الماضى تربط بين المناخ الحار والتخلف، وبين المناخ البارد والتقدم . يضاف الى ذلك شكل وطبيعة حدود الدولة وعدد وخصائص الدول المجاورة لها، وهو عنصر يؤثر بشدة فى سياساتها وأمنها.
2 - المساحة الجغرافية ، فهناك دول مترامية المساحة كروسيا الإتحادية والبرازيل ، ودول صغيرة المساحة كالبحرين وبلجيكا. وتفترض التحليلات التقليدية أن اتساع المساحة يعنى قدرة الدولة على استيعاب أعداد أكبر من السكان ، مع تزايد احتمالات وجود الثروات الطبيعية، وتمتع الدولة بعمق استراتيجى طبيعى ، بما يدعم قوتها ، لكن ذلك ليس حتميا فى كل الأحوال ، فوقوع كندا فى مناطق باردة يقلص من أهمية مساحتها ، وقد تتمتع دول صغيرة بموارد كبيرة كالكويت . كما أن شكل الدولة من حيث التضاريس الطبيعية (جبلية ، سهلية) ، أو الحدود الخارجية ، أو كونها جزراً أو أقاليم قارية ، يؤثر بشدة على أهمية المساحة ، ويطرح تداعيات معقدة بالنسب لقوة الدولة .
3 - الموارد الاقتصادية . فإقليم (أرض) الدولة يشمل ما تحت الأرض من موارد إقتصادية طبيعية ، كمصادر الطاقة (البترول ، الفحم ، الغاز ، المواد النووية) ، أو ثروات معدنية (كالحديد ، والقصدير ، والذهب) ، إضافة إلى ما يوجد على سطح الأرض من تربة (ومصادر مياه) تتيح إنتاج الموارد الغذائية (كالقمح) أو الموارد الزراعية (كالقطن). ويشمل إقليم الدولة كذلك ما حول الأرض من مياه إقليمية فى البحار والمحيطات ، وإمتداداتها تحت البحر (الجروف القارية) . وتتمثل أهمية الموارد الإقتصادية فيما تتيحه للدولة من قدرات مالية تمثل عنصر قوة مزدوج (مورد + قدرة) ، كما أنها تمثل الأساس المادى للنمو الإقتصادى، والتبادل التجارى فى إطار الإقتصاد الدولى . وتتفاوت الدول بشدة من حيث امتلاك أو عدم إمتلاك مثل هذه الثروات ، وتأثيراتها على قوتها فى حالة وجودها أو عدم وجودها .

ثانيا : الشعب:
ويعبر عنه عادة بالعامل الديموجرافى (أو البشرى) ، أو السكان ، الذى يمثل وزنا جوهريا بين أسس قوة الدولة ، إذ أنه يتيح لها قوة العمل اللازمة لإدارة شئونها ، وتطوير اقتصادها ، كما يتيح لها القوة البشرية اللازمة لإمداد القوات المسلحة باحتياجاتها من الأفراد، وقد يمارس نمط القيم والثقافة السائدة فيه، وإرادته القومية، أدوارا مباشرة كأدوات قوة تؤثر فى الشعوب الأخرى. لكن ذلك كله يتم فى ظل تباينات شديدة فى تقييم العلاقة بين العامل البشرى وقوة الدولة، بفعل المتغيرات الوسيطة لتلك العلاقة. ويشتمل هذا العامل ، على عناصر فرعية عديدة، أهمها :
1 - عدد السكان ، وهو العامل الأكثر بروزاً ضمن عناصر القوة البشرية . فهناك دول يزيد تعدادها عن مليار نسمة كالصين والهند ، ودول تعانى من نقص حاد فى عدد السكان ، كدولة الإمارات العربية المتحدة ، مع تفاوت نسب نمو هذا العدد من دولة لأخرى ، بين حالات ينمو سكانها بأسرع من قدرتها على الإستيعاب، وأخرى تتوازى فيها أعداد المواليد مع معدلات الوفيات، وفى بعض الحالات المثيرة يتجه عدد السكان الى النقصان . وتتضح معالم هذا المؤشر أكثر بإضافة كثافة السكان إليه ، أى نسبة عدد السكان الى مساحة الدولة القابلة للحياه فيها، وتكمن أهمية ذلك فى أنه يوضح حجم الضغط على الموارد ، وشكل (نمط) الحياة فى الدولة ، وتشكل دول مثل بنجلاديش والهند والسويد والدانمارك حالات صارخة لتفاوتات الكثافة، وإشكالياتها المختلفة . وتبعا للمقولات التقليدية ـ التى تقلصت أهميتها فى العصر الحديث ـ فإنه كلما زاد حجم السكان (وقلت كثافتهم) كلما كان ذلك يدعم قوة الدولة عموما .
2 - توزيع السكان ، وهو عنصر رئيسى تتحدد بناء عليه (بمفهومه الواسع) القيمة الحقيقية لعدد السكان كمورد قوة أساسى للدولة . ويتضمن عددا لا حصر له من المؤشرات منها التوزيع العمرى للسكان ، الذى يبين قوة العمل والوعاء التجنيدى فى الدولة ، ومعدلات الإعالة الإقتصادية فى المجتمع ، ويشير إلى بعض المشكلات السياسية المحتملة . ومؤشر التوزيع الجغرافى للسكان على أقاليم ، أو مدن وأرياف ، الدولة ، الذى يبين مستويات التحضر، وأوضاع المدن، وتحركات السكان . ومؤشر التنوع العرقى ـ الدينى لسكان الدولة، فوجود مشكلات عرقية، أو حساسيات دينية يؤثر بشدة على التجانس الإجتماعى ، وقد يعرض الدول لمشكلات حادة ، كما هو قائم فى العراق ، أو الجزائر ، أو السودان ، أو رواندا وبوروندى ، أو منطقة البلقان، أو إندونيسيا ، أوبريطانيا وكندا ، يضاف إلى ذلك التوزيعات الأخرى المتصلة بمؤشرات التنمية البشرية المختلفة ، من تعليم وصحة وخدمات ، فهى التى توضح حالة السكان فى الدولة .
إن الربط بين عدد السكان وقوة الدولة ، ربط مجرد، كما هو واضح لا يفيد الكثير ، والتأثير المحتمل للعامل السكانى كمورد قوة فعال ، يرتبط باعتبارات معقدة (أهمها مستوى التنمية البشرية) إلى درجة يصعب معها إصدار أحكام محددة ، بعيدا عن ظروف كل دولة ، أو مجموعة من الدول المتشابهة ، على حدة .

ثالثا : الحكومة:
ويرتبط هذا العامل بالإطار السياسى المؤسسى الذى تتفاعل فيه أسس (موارد) القوة الأخرى للدولة ، على نحو يمكن أن يفرز أو لا يفرز قدرات (أدوات) قوة مؤثرة، إذ أنه هو الذى يخلق النظام System الذى يمكن فى إطاره تحويل الموارد إلى قدرات، أو إهدار الموارد المادية والبشرية وتبديدها . فدولة مثل روسيا الإتحادية تمتلك أسس قوة هائلة (مساحة ، سكان ، موارد ، خبرات ، ثقافة) تمكنها من أن تكون قوة عظمى متكاملة ، إلا أن سلبيات النظام السياسى قد أدت إلى تحولها لدولة تعانى من مشكلات واختلالات مزمنة، إضافة إلى ما يمثله جهاز الدولة ذاته (بمؤسساته الدبلوماسية ، والثقافية ، والأمنية) من أدوات قوة تمارس تأثيراتها مباشرة على الساحات الإقليمية والدولية ، لتحقيق مصالح الدولة .
وقد قدمت دراسات تحليل القوة مؤشرات مختلفة بشأن العناصر المرتبطة بقدرة النظام السياسى ، سواء أكان يتم النظر إليها ، كمتغيرات وسيطة تحكم عملية تحويل الموارد إلى أشكال وأنماط جديدة لعناصر قوة الدولة ، أو كعناصر قدرة مستقلة تضاف (كأدوات) إلى إمكانيات الدولة . لكن يمكن الاقتصار على رصد ما يلى :
أ - استقرار النظم السياسية ، فهناك نظم سياسية غير مستقرة، بمستويات أدت إلي انهيار هيكل السلطة المركزية ، وتفكك الدولة فى بعض الأحيان ( يوغوسلافيا ، الصومال) ، أو تفجر العنف المسلح داخل الدولة لفترة طويلة (أفغانستان) ، ونظم سياسية تمتلك مؤسسات مستقرة تكفل إدارة العملية السياسية داخل الدولة دون مشكلات قائمة أو محتملة ، وتتيح إتخاذ القرارات القومية على أسس تتسم بالعقلانية وفق قواعد محددة ، كمعظم النظم السياسية فى أوروبا الغربية .
ب - أداء النظم السياسية . ويرتبط هذا العنصر بكفاءة النظام السياسى فى إدارة شئون الدولة ، وامتلاكه الكوادر التنظيمية والمهارة الفنية اللازمة لتعبئة واستخدام الموارد الأساسية لصالح المجتمع ، بدءا بجمع الضرائب ، مرورا بتطوير الاقتصاد وتحديث القوات المسلحة ، وصولا الى إدارة السياسة الخارجية ، فهناك دول تفتقر إلى الموارد كاليابان تمكنت من تعويض النقص عبر تطوير المهارات التنظيمية والفنية ، والحالات العكسية تشمل معظم دول جنوب العالم .
وتركز تحليلات عديدة على عنصر تعتبره شديد الأهمية ، هو التأييد الشعبى للنظام الذى يمثل سبب ونتيجة (مع اختلاف النسب) فى علاقته بالاستقرار والأداء السياسيين، ويمثل كذلك مورد قوة فى الوقت نفسه ، فالنظم السياسية بدون غطاء شعبى تصبح فى مهب الريح .
وهكذا، فإن موارد القوة تمثل عنصرا رئيسيا للقوة القومية ، لكن مشكلتها هى أن تأثيراتها لا تسير فى اتجاه واحد ، كما أن تحولها إلى أدوات قوة يتوقف على عوامل مختلفة ، وبالتالى فإنها تمثل فى الغالب قاعدة لقوة الدولة ، حيث يتم النظر إليها كأساس يمكن استنادا عليه تحويل القوة الكامنة ـ بدرجة أكبر أو أقل ـ إلي قوة فعلية ، إضافة إلى ما تقدمه أحيانا من تفسيرات جزئية لعملية التأثير فى حالات عديدة .
المصدر مركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق